تأجيل ظهور إعلانات واتساب في أوروبا إلى العام القادم بسبب مخاوف خرق الخصوصية
كيف ستتصرف الدول العربية في ظل القصور التشريعي الناظم للبيئة الرقمية

أجلت شركة “ميتا” إطلاق نموذج الإعلانات الجديد الخاص بتطبيق واتساب في الاتحاد الأوروبي إلى العام القادم، رغم بدء طرحه تدريجياً في بقية أنحاء العالم، وذلك استجابةً لمخاوف أُثيرت حول التوافق مع لوائح حماية خصوصية البيانات الأوروبية.
الخصوصية في قلب النقاش الأوروبي
أكدت لجنة حماية البيانات في أيرلندا (DPC) المسؤولة عن تطبيق اللائحة العامة لحماية البيانات في الاتحاد الأوروبي أن “واتساب” أبلغها رسمياً أن نموذج الإعلانات لن يطرح في الاتحاد الأوروبي قبل عام 2026.
وأشار مفوض حماية البيانات ديس هوغان إلى أنهم سيواصلون المناقشات مع الشركة بالتنسيق مع جهات حماية البيانات الأخرى في الاتحاد الأوروبي “للتعبير عن أي مخاوف للجهات التنظيمية الأوروبية”.
ما هو النموذج الإعلاني الجديد؟
يتضمن النموذج الإعلاني الجديد، الذي أعلنته ميتا في 16 حزيران الجاري، إعلانات مخصصة تظهر ضمن تبويب “التحديثات”، إلى جانب تقديم خيار الاشتراك المدفوع في قنوات واتساب.
ووفقاً لميتا، تعتمد آلية الاستهداف على عدة عوامل، مثل الموقع الجغرافي، اللغة، اهتمامات المستخدم، تفضيلات الإعلانات، والمحتوى الذي يتابعه المستخدم داخل القنوات، بالإضافة إلى معلومات من حسابات فيسبوك وإنستجرام في حال ربطها طوعاً بحساب واتساب.
انتقادات من منظمات الخصوصية
رغم تعهد “ميتا” أن الميزات الجديدة “مصممة بأكثر الطرق مراعاةً للخصوصية”، إلا أن منظمات حماية البيانات، مثل NOYB، أعربت عن قلقها من أن النموذج الجديد قد ينتهك قوانين الاتحاد الأوروبي، خاصةً إذا لم يُمنح المستخدمون خياراً حقيقياً للموافقة أو الرفض.
كما حذّرت من أن نموذج “ادفع أو وافق” الذي تتبعه ميتا قد لا يكون قانونياً بموجب قانون الأسواق الرقمية الأوروبي (DMA).
جدير بالذكر أن “ميتا” سبق أن واجهت ضغوطاً أوروبية مماثلة، دفعتها إلى تعليق إطلاق منصة Meta AI مؤقتاً في دول الاتحاد، بسبب اعتراضات تنظيمية تتعلق بجمع البيانات.
هل تُعدّل ميتا نموذجها الإعلاني؟
لم تؤكد “ميتا” ما إذا كانت ستقوم بتعديل النموذج ليصبح متوافقاً بالكامل مع المعايير التنظيمية الأوروبية، لكن الواضح أن الخصوصية ستظل العامل الحاسم في معادلة الإعلانات الرقمية داخل الاتحاد الأوروبي.
بين ميتا وأوروبا، هل سيكون المستخدم العربي الحلقة الأضعف؟
في ظل استمرار الغموض حول ما إذا كانت “ميتا” ستقوم بتعديل نموذجها الإعلاني بما يتماشى مع المعايير الأوروبية، يبرز تساؤل مهم: كيف سيتأثر المستخدمون في الدول العربية بهذا النموذج؟
فبينما تخضع الأسواق الأوروبية لمراقبة تنظيمية صارمة تضمن حماية البيانات، قد يُطرح النموذج الإعلاني الجديد في دول تفتقر إلى تشريعات رقمية متقدمة، ما يثير مخاوف بشأن قدرة المستخدمين على حماية خصوصيتهم.
في العديد من البلدان العربية، لا تزال الأطر القانونية المتعلقة بالبيانات الشخصية متأخرة مقارنة بالنماذج الدولية، وهو ما يخلق فجوة تنظيمية كبيرة، وفي هذا السياق، تبرز مخاطر واضحة تتعلق بـآليات الاستهداف وجمع البيانات، لا سيما في ظل غياب الشفافية، وضعف أدوات الرقابة والمساءلة.
وبينما تؤجل أوروبا الإطلاق لحين التحقق من مدى التزام النموذج بقوانينها، يُخشى أن يتحول العالم العربي إلى ساحة اختبار غير مُعلنة لنماذج إعلانية قد تُعرّض بيانات المستخدمين للانتهاك والاستغلال، دون أن يكون لهم الحق الواضح في القبول أو الرفض أو معرفة مصير معلوماتهم الرقمية.
المصادر
جميل