مقالات

نسخ وشراء واستقطاب: خطة زوكربيرج للهيمنة على الذكاء الاصطناعي

الخليط الذي جعله واحداً من أغنى رجال العالم

 

لا يزال مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا،  يستخدم استراتيجيته المفضلة: النسخ، والاستقطاب، والتكرار؛ الخليط الذي جعله واحداً من أغنى رجال العالم.. والآن، يعيد استخدامها في أكبر تحدٍّ له حتى الآن: سباق الذكاء الاصطناعي.

تشن شركة ميتا، المالكة لفيسبوك وإنستجرام وواتساب، هجوماً شرساً على سوق الذكاء الاصطناعي، عبر ضخ استثمارات ضخمة وتوظيف أسماء لامعة، على أمل اللحاق بعمالقة مثل OpenAI وجوجل، ولاعبين جدد مثل DeepSeek، فيما يراها الكثيرون محاولة لإقناع العالم بأن ميتا لا تزال في قلب المنافسة.. لكن المفارقة أن زوكربيرج يبني طموحه على موارد الآخرين.

 

الحركات الأخيرة

في الأسابيع الماضية، قامت ميتا بعدة خطوات جريئة:

  • استقطبت ألكسندر وانج، المؤسس المشارك لشركة Scale AI، لقيادة وحدة جديدة للذكاء الاصطناعي الخارق.
  • عرضت حزم توظيف تفوق 100 مليون دولار على باحثين بارزين في OpenAI وجوجل (رُفض معظمها، بحسب تصريحات مدير OpenAI).
  • استحوذت (أو حاولت الاستحواذ) على شركات ناشئة مثل Scale AI وPlayAI، المتخصصة في نسخ الأصوات البشرية.
  • فتحت قنوات تواصل مع شركات صاعدة مثل Perplexity AI وRybway وحتى مشروع Safe Superintelligence.

على أرض الواقع، انضم إلى ميتا فعلياً عدد من الأسماء اللامعة مثل لوكاس باير وألكسندر كولسنكوف وشياوهاوا زاي (من OpenAI سابقاً)، إضافة إلى تراپيت بانسال وجاك راي من Google DeepMind.. ومع ذلك، فشلت الشركة في إقناع أسماء أخرى بارزة مثل نُعيم براون (OpenAI) وكوراي كافوكجولو (جوجل).

مهمة هذه الوحدة؟ بناء نظام ذكاء اصطناعي يتفوق على الإنسان. أجل، هذا هو الطموح المعلن.

 

إغداق المال على المستقبل

لا يدخر زوكربيرج المال أبداً، حيث استثمرت ميتا 14.3 مليار دولار في Scale AI، وتفاوضت للاستحواذ على PlayAI، كما أرسلت عروضاً إلى مشاريع يقودها إيليا سوتسكيفر وميرا مراتي مثل “Safe Superintelligence” و”Thinking Machines”.. وكأن زوكربيرج يشتري كل ما في “مركز تسوق الذكاء الاصطناعي” قبل أن تنفد البضاعة.

مساعد ميتا الذكي الحالي، “Meta AI”، لا يزال بعيداً عن نماذج مثل GPT-4o من OpenAI، وGemini 2.5 Pro من جوجل، وDeepSeek R1. 

تلك النماذج يمكنها التفكير والتخطيط والاستنتاج، بينما نموذج ميتا لا يزال يجيد الدردشة فقط، الفارق كأنك تطلب من طفل صغير التفوق على بطل شطرنج، وذلك هو جوهر المشكلة، فشركة ميتا لا تريد اللحاق فقط، بل تجاوز الجميع. وزوكربيرغ يعلم أن الابتكار الداخلي يحتاج سنوات، لذا يفضل أسلوبه المعتاد: النسخ، الشراء، والتوسع بسرعة.

قصص، ريلز، ثريدز.. كلها كانت مستوحاة من منافسين، والآن، جاء دور الذكاء الاصطناعي!

 

الرهانات.. لماذا يهم هذا الأمر؟

تأتي ميتا متأخرة في سباق الذكاء الاصطناعي بوضوح، فأدوات مثل ChatGPT وGemini وDeepSeek تقدم قدرات تفكير وحل مشكلات. أما Meta AI؟ فلا يزال عالقاً في مستوى المحادثة السطحية، فيما يتمثل هدف زوكربيرج في بناء نموذج ذكاء اصطناعي قادر على التفكير المنطقي، والتخطيط، واتخاذ قرارات، تماماً مثل أفضل ما أنتجته OpenAI أو جوجل – وفي وقت قياسي.

 

لماذا الآن؟

لأن OpenAI تستعد لإتاحة نماذجها التالية كمصدر مفتوح، وهو ما قد يُنهي ميزة ميتا الوحيدة حالياً: نماذجها المجانية والمفتوحة التي يحبها المطورون.. ولذا أعلن زوكربيرج في وقت سابق أن عام 2025 هو “عام الذكاء الاصطناعي” بالنسبة لميتا، وهذا العام فعلاً مصيري: الإعلانات تعاني، ثريدز يترنح، وتيك توك لا يزال يتفوق على إنستغرام.

الخطة الجديدة؟ التركيز على عملاء تفكير منطقي (Reasoning Agents)، أي نماذج ذكاء اصطناعي يمكنها التفكير خطوة بخطوة، وليس فقط استكمال الجُمل، هذه الوكلاء قد تُستخدم في المساعدات التجارية، دعم العملاء، أو حتى تطبيقات استهلاكية مستقبلية.. لكن ميتا بحاجة إلى عنصر أساسي أولاً: الذكاء الحقيقي.

 

الانتقادات

حتى سام ألتمان، مدير OpenAI، لم يخفِ امتعاضه في بودكاست مع شقيقه، وصف استراتيجية ميتا بأنها واضحة:

“نسخ OpenAI، محاولة استقطاب المواهب، والإنفاق الجنوني.. سمعت أن ميتا تعتبرنا المنافس الأكبر، لكن جهودهم الحالية لم تحقق النتائج المرجوة.

أحترم محاولاتهم المتواصلة، لكن.. لقد بدأوا بتقديم عروض ضخمة تصل إلى 100 مليون دولار لأعضاء فريقنا.. هذا جنون!”.

كما انتقد فلسفة ميتا، معتبراً أن OpenAI تسعى لأن تكون “شركة تقنية لا تتعامل بعدائية مع المستخدمين”، في إشارة إلى أن ميتا تحاول اختراق عقول الناس، بينما OpenAI تريد مساعدتها.

 

الخلاصة

لطالما كان مارك زوكربيرج تابعاً سريعاً وليس رائداً أول، هذه الخطة نجحت معه في وسائل التواصل الاجتماعي، وربما تُثمر في بعض جوانب الذكاء الاصطناعي، فهو خبير في نسخ الأفكار، وتوسيع نطاقها، وسحق المنافسين عبر القوة المالية، لكن الذكاء الاصطناعي لعبة مختلفة، إنها ساحة ابتكار، لا تقليد. 

حتى الآن، يُعتقد أن السلاح الوحيد الحقيقي لميتا هو محفظتها، فهل يكفي المال للفوز في سباقٍ يتطلب عبقرية؟ يُراهن زوكربيرج على ذلك.

لكن في عالم يقرر فيه الذكاء الاصطناعي مستقبل الخصوصية والعمل وحتى السلطة، نحن جميعاً معنيون بمدى سلامة وجدوى هذه الاستراتيجيات.

 

المصادر:

gizmodo

techcrunch

cnbc

theverge

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى