مقالات

لماذا تتجاوز تكلفة بعض اشتراكات روبوتات الدردشة الذكية حاجز الـ 200 دولار شهرياً؟

بعض الشركات تضع السعر وفق ثقافة "الانطباع العام" حول المنتج

في عالم الذكاء الاصطناعي التوليدي، توفر الشركات روبوتات المحادثة الذكية للمستخدمين بشكل مجاني وبعضها يتطلب اشتراكات مدفوعة جزئياً أو كلياً، تصل قيمتها أحياناً إلى أكثر من 200 دولار شهرياً مقابل الوصول إلى الميزات، ما يثير التساؤلات حول منطق التسعير وعوامل استدامته، فهل هو يستند إلى ميزات ثورية ومبتكرة فعلاً أم أنه مجرد انعكاس لاستراتيجيات تسويقية تعتمد على “الانطباع العام” أكثر من القيمة التقنية.

هذه التساؤلات سلط الضوء عليها موقع “Wired” عارضاً الأسباب التي تجعل هذا الاتجاه في التسعير ليس مجرد معادلة اقتصادية بحتة بل تأثيرات أوسع في السوق التقني، مشيراً إلى أن “سعر اشتراكات برامج المحادثة الآلية الباهظة الثمن يتحدد بناءً على المشاعر، وليس الربحية الفورية لشركات الذكاء الاصطناعي”.

وفقاً للمقال تعتمد بعض شركات روبوتات المحادثة على استراتيجيات تسعير غير تقليدية، منها التسعير النفسي حيث يتم تقديم سعر مرتفع ليفسر كرمز للتميز، والرهان على المستقبل، وثقافة الـ “Vibes” أي الانطباع العام أو الإحساس الجمعي حول المنتج.


هل فعلاً اشتراك ChatGPT Pro يكلف 200 دولار؟

وضرب المقال أمثلة على ما يسوقه، ففي نهاية العام الماضي أطلقت OpenAI خطتها المدفوعة ChatGPT Pro التي توفر وصولاً “شبه غير محدود” إلى روبوت المحادثة الشهير ChatGPT، بالإضافة إلى ميزات جديدة مثل وكيل OpenAI.

وصرح سام ألتمان الرئيس التنفيذي لـ OpenAI في البداية أن هذا السعر تم تحديده بناءً على تقديره الشخصي، رغم أن الشركة لا تحقق ربحاً من هذا الاشتراك، ففتح اعترافه هذا الطريق أمام اتجاه جديد في تسعير الاشتراكات في برامج الذكاء الاصطناعي.

ولفت المقال إلى أن قدّمت شركة Anthropic في أبريل الماضي باقة ‘Claude Max’ بسعر 200 دولار شهرياً، وتبعتها Google بخطتها AI Ultra في Gemini، والتي تبلغ تكلفتها 250 دولاراً شهرياً وتشمل التخزين السحابي.

تلا هذه الإصدارات باقة Cursor Ultra الشهرية مقابل 200 دولار للبرمجة بمساعدة الذكاء الاصطناعي، وباقة Perplexity Max الشهرية مقابل 200 دولار للبحث المدعوم بالذكاء الاصطناعي.

وكانت أحدث الإصدارات غير المجانية باقة SuperGrok من xAI ، وهي الأغلى ثمناً بسعر 300 دولار.

يلفت المقال إلى أن السبب الرئيس وراء هذه الأسعار المرتفعة يكمن في التكاليف التشغيلية الكبيرة التي تتطلبها تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، حيث أن تشغيل هذه الأدوات يتطلب موارد حاسوبية ضخمة إضافة إلى البنية التحتية السحابية التي تستهلك الكثير من الطاقة.

لماذا تتجاوز تكلفة بعض اشتراكات روبوتات الدردشة الذكية حاجز الـ 200 دولار شهرياً؟
المجموعات المستهدفة بروبوتات المحادثة

وفقاً للمقال صنّفت آلي ك. ميلر، وهي مستشارة تجارية، المشتركين الذين يدفعون ثمن هذه الباقات التي تبدأ من 200 دولار أمريكي فأكثر إلى مجموعتين أساسيتين:

  • المجموعة الأولى: تضمّ نخبة من خبراء وادي السيليكون الذين يملكون ثروة طائلة ويرغبون في تجربة “منتجات ألفا باهظة الثمن” وهي نسخ تجريبية يتم طرحها قبل نسخ بيتا المخصصة لجمهور محدود.

وهذه الأدوات “لا تميزهم في مجتمعهم فحسب، بل توفّر لهم أيضاً شعوراً بالاستكشاف”، وتضع ميلر مالكي نظارتي جوجل جلاس وآبل فيجن برو في هذه المجموعة نفسها.

  • المجموعة الثانية: هي الفئة التي تحقق عائداً جيداً على استثمارها وترى أن دفع هذا المبلغ هو استثمار يعود عليهم بعوائد مالية.

على سبيل المثال، مستثمرو وادي السيليكون يستخدمون AI Ultra لأتمتة العمليات مثل البريد الإلكتروني، بينما يعتمد بعض المطورين على Claude Max في البرمجة بشكل يومي.

قد يكون العائد من هذا الاستثمار واضحاً للمستخدمين المحترفين الذين يحتاجون إلى أداة ذكية لزيادة إنتاجيتهم وتحقيق أرباح أكبر.

لماذا 200 دولار؟ هل يُمكن تبرير هذه الأسعار؟

العديد من الشركات، مثل Anthropic وGoogle، تتحفظ على مناقشة تفاصيل اقتصاديات التسعير، ومع ذلك ينقل الموقع عن أحد مسؤولي Google قوله أن التسعير يتناسب مع سوق المستهلكين المحترفين والمزايا التي تقدمها هذه الأدوات، وأن الشركات تتكيف مع التغيرات في السوق بشكل مستمر، لكن في النهاية، تُعتبر هذه الأسعار هي “تجربة” أولية لجذب المستخدمين في المستقبل.

من الناحية الشخصية، قد يكون من الصعب على العديد من المستخدمين العاديين تبرير هذا المبلغ في ميزانيتهم الشهرية، وبالنسبة لبعض الأشخاص، مثل ديمتري شيفلينكو من Perplexity AI، فإن الأداة توفر وقتاً قيّماً قد يؤدي إلى استرداد الأموال المستثمرة بسرعة، بينما بالنسبة للمستخدم العادي، يبدو هذا السعر غير منطقي في ظل ارتفاع تكاليف الحياة اليومية.

التوجه المستقبلي: ماذا ينتظر السوق؟

وفقاً للمقال، فإن إحدى الحقائق شبه المؤكدة هي أن تكلفة هذه الأدوات ستزداد في السنوات القادمة.
وترى “آلي ك. ميلر”، المستشارة التي استطلع الموقع رأيها، أننا لم نصل بعد إلى الحد الأقصى في تكلفة هذه الأدوات، خاصة في مجال المؤسسات متوقعة أن نشهد تطوراً في نماذج التسعير بما يتماشى مع التوجهات المستقبلية.

ختاماً

بناء على ما سبق، يوصي الخبراء بالخطوات التالية لتجنب الدفع الزائد مقابل روبوتات المحادثة الذكية:

  • التدقيق في الاستخدام وتتبّع عدد مرات الوصول إلى الحد الأقصى للرسائل المرسلة من الروبوت، فإذا كان المستخدم نادراً ما يتجاوز الحدود المجانية، فالاشتراك مُبذر.
  • مقارنة البدائل: تُقدّم النماذج مفتوحة المصدر خيارات استضافة ذاتية بدون رسوم متكررة، ويفضل استخدامها من قبل المستخدمين العاديين.
  • استثمار التجارب المجانية: تُقدّم معظم الباقات المميزة تجارب لمدة ١٤-٣٠ يوماً يمكن استثمارها في الفترات التي لا يحتاج فيها المستخدم إلى اشتراك كبير.
  • التفاوض على عروض الشركات: في حال كان المستخدم شركة، يُمكن للخصومات الكبيرة أن تُخفّض التكاليف بنسبة ٤٠٪ أو أكثر.

المصادر
Wired
Hotstacked

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى