أخبار التقنيةالتغطيات

الصين تُسلّح محطتها الفضائية بكلاب حراسة روبوتية

تُزوِّدها الصين بالذكاء الاصطناعي لاعتراض الأجسام الفضائية المشبوهة

 

مع تصاعد سباق الهيمنة العسكرية في الفضاء، طوَّرت الصين تصميماً روبوتياً قادراً على اعتراض الأجسام المريبة ودفعها بعيداً عن المحطة الفضائية الخاصة بها، وتعمل حالياً على بناء منظومة “كلاب الحراسة الروبوتية” لمحطتها الفضائية “تيانقونج”. 

تُطوِّر الصين هذه الروبوتات، وتُزوِّدها بمحركات صغيرة وذكاء اصطناعي، لاعتراض الأجسام الفضائية المشبوهة، وربطها بدقة ثم دفعها بعيداً عن محطة الفضاء.. خطوة تبدو بسيطة لكنها عبقرية، وتعكس انتقالاً نحو الدفاع الفعال في ضوء عسكرة الفضاء. 

وبدلاً من استخدام طاقة موجهة مثل الليزر، أو الأسلحة النارية، التي قد تُحوِّل الغزو إلى سحابة من الشظايا الفتاكة (بسرعة تعادل 21 ماخ)، ابتكرت الصين نهجاً أشبه بجوهر “القصب الذي ينحني في الريح”، حيث تتشبث الروبوتات بالهدف وتدفعه بعيداً، وهي الاستراتيجية التي أطلق عليها بعض المراقبين الدوليين “فن الدفاع الفضائي المتزن”

 

الإعلان والتطور

في أعقاب تقارير البنتاجون بأن الصين نفَّذت أول “عمليات قتالية بالأقمار الصناعية” في مدار الأرض المنخفض، أفاد البروفيسور “سون تشيبِن” من المركز الوطني الصيني لعلوم الفضاء، خلال محاضرة حديثة في جامعة نانجينغ للعلوم والتكنولوجيا، أن الصين شرعت بتطوير هذا التصميم بالفعل. وهي الخطوة التي تُمثِّل تحولاً واضحاً من “سياسة الاستكشاف السلبية” إلى “تحكم مدروس في المجال الفضائي”.

 

دوافع الصين

نفت بكين تسليح محطتها بهدف العدوان، وزعمت أن تنفيذ هذه العملية جاء في الأساس كردٍ على تهديدات من قمر صناعي ضمن شبكة “ستارلينك” مرَّ بمحاذاة تيانقونغ، الأمر الذي أجبر الصين على تنفيذ مناورة تفادي.

ومع ذلك، لا تخلو هذه المناورة من الأبعاد العسكرية التي تتماشى مع جهود الصين الحثيثة للتفوق الفضائي، جنباً إلى جنب مع روسيا والولايات المتحدة.

 

المنطق وراء الحل

عندما تُدمَّر أجسام في الفضاء، لا تسقط إلى الأرض كما على الأرض، بل تظل تدور بلا توقف، لذا فإن استهداف جسم مألوف يتسبب في تفكك معدني إلى شظايا فتاكة، تنطلق بسرعات تبلغ 10 أضعاف سرعة رصاصة، مما يُسبِّب لاحقاً سُحباً ضخمة من النفايات تبقى في المدار لعقود، وتُشكِّل خطراً دائماً على الأقمار والصواريخ الفضائية المستقبلية.

حتى استخدام الليزر، رغم قدرته من الناحية النظرية على إحداث قوة ضغط عبر الكموم الضوئي، يحتاج إلى زمن طويل قبل أن يظهر أي تأثير ملموس، الأمر الذي يجعله غير عملي كإجراء دفاعي سريع.

 

تقنية “الكلاب الحارسة”

 

يعتمد هذا التطبيق على طبقات دفاع استراتيجية:

 

1- رصد وتحليل

عند اقتراب جسم مشبوه، تقوم أنظمة الاستشعار -سواء في المدار أو عبر المراقبة الأرضية- بتقييم الاتجاه والسرعة وتحليل نوايا الاقتراب.

 

2- اتخاذ القرار

تُقارن النتائج ضمن مصفوفة قرار تُحدِّد ما إذا كان الهدف مجرد انحراف عرضي أو تهديد متعمد.

 

3- خيار المواجهة

ضمن الخيارات المتاحة، منها:

  • مناورة تفادي دقيقة.

  • إطلاق كلب حراسة آلي يعتمد على التوجيه الذاتي.

4- التنفيذ

يُطلق الروبوت ليلتف حول الهدف مستخدماً مستشعرات وذراعاً آلية، ثم يشدِّد الاتصال باستخدام شبك تلقّف (grapple)، ليقوم بدفع الهدف لمحطة أو مدار آمن بأسلوب يشبه زورقاً بحرياً يُعيد توجيه سفينة ضخمة حول ميناء.

 

حالات سابقة واحتجاجات دولية

في ديسمبر/كانون الأول 2021، قدَّمت الصين شكوى رسمية للأمم المتحدة بعد أن أُجبرت على إجراء مناورتين تفاديتين لهروب اصطدام، بعد اقتراب قمران من ستارلينك. 

كان الاقتراب قريباً لدرجة 1.8 ميل (حوالي 2.9 كم) فوق محطة تيانقونغ، وهو ما يعادل تلامس شاحنتين على طريق سريع..

رفضت الولايات المتحدة رفع درجة الطوارئ، معتبرة أن الحادثتين لم تستوفيان “معايير الاحتياط اللازمة”، القرار الذي قوبل برفض الصين التي شددت على أن المجاورة -حتى لو بدت سلميَّة- قد تهدد الأنشطة والمحطة برمَّتها، وطالبت بضرورة إخطار مسبق من جميع مشغلي الأقمار الصناعية.

 

التصعيد القانوني والأخلاقي

تمنع معاهدة الفضاء الخارجي لعام 1967 نشر أسلحة نووية أو دمار شامل فقط في المدار.. ومع ذلك، فإن الأسلحة الصاروخية الموجهة التقليدية والروبوتات الذكية غير مغطَّاه قانونياً، وهو ما يترك مساحة واعدة للدفاع الفضائي، وفي الوقت نفسه، يطرح تساؤلات حول ما يُعد دفاعاً مشروعاً وما يمثِّل اختراقاً للفضاء السلمي.

فتطوير الصين منظومة دفاع متقدمة -لمنع حدوث مسارات حرجة أو تحركات استفزازية حول محطة تيانقونغ- عبر روبوتات دفع دقيقة وتقنيات ذكية، يُعد دفاعاً غير مُدمِّر، لكنه يحمل قدرات هجومية بالتوازي. 

على سبيل المثال، قد تُستخدم تقنية “الكلاب الآلية” لهدف دفاعي مُعلن، ولكنها تحمل القدرة نفسها على اختطاف أهداف أو تعطيلها بشكل كامل.

 

المصادر:

fastcompany

cnn

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى