الذكاء الاصطناعي

كيف يُعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل استراتيجيات الذهاب إلى السوق في 2026؟

تسريع الإطلاق، ودقَّة الاستهداف، وعمق التخصيص

 

لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرَّد أداة تشغيلية داخل فرق التطوير أو الدعم التقني، حيث تحوَّل إلى محور استراتيجي يُملي لغة جديدة على أنشطة التسويق، والبيع، وبناء المنتجات، وصناعة القرارات التجارية.

وفي هذا السياق، قدَّم قادةٌ من أوبن إيه آي وجوجل رؤاهم حول كيف يُعيد الذكاء الاصطناعي رسم خرائط  الذهاب إلى السوق go-to-market (GTM) عبر تسريع الإطلاق، ودقَّة الاستهداف، وعمق التخصيص، حتى أصبح بوسع الشركات “فعل المزيد بموارد أقل”.

 

صعود قاعدة “المزيد بالقليل”

يرى “مارك مانارا” رئيس قطاع الشركات الناشئة في أوبن إيه آي، أن المعادلة الجديدة لا تقتصر على خفض التكاليف بقدر ما تُعنى بتركيز الجهود وربطها بإشاراتٍ عالية الجودة، تسمح بتتبُّعٍ لحظي يُشبه “اقتفاء الأثر” خلف العميل المحتمل.

ويُضيف أن الذكاء الاصطناعي منح الشركات الناشئة قدرة غير مسبوقة على التخصيص العميق ومتابعة الإشارات الرقمية “signal-based personalization” بما يضعها في موضع تميُّز حقيقي عن الأساليب التقليدية.

وفي ميدان الاستثمار في “GTM”، يُؤكد ماكس “ألتشولر”، الشريك العام في “GTMfund” أن الذكاء الاصطناعي ألغى الحواجز القديمة أمام الإنتاج الضخم للرسائل التسويقية وحملات التوعية، فبات ممكناً اليوم للشركات الناشئة إطلاق رسائل أكثر، وتجربة فرضيات أسرع، والوصول للعملاء في وقت قياسي، ولكن دون الاستغناء عن الخبرة النوعية المتخصِّصة التي تُقدِّم السياق وتُفسّر الاستجابات.

645a4d73ede4fa2b473cfbd1 GTMfund An exclusive network of revenue leaders investing in the next wave of SaaS

أدواتٌ أكثر ذكاءً لبناء العملاء المحتملين

يُبرز “مارك” اتجاهاً متصاعداً للاستفادة من أدوات ذكاءٍ مولدة لصناعة العملاء المحتملين (lead-generation) لا تعتمد فقط على الاستعلام عن قواعد البيانات، بل تستخدم أوامر نصيِّة (prompts) معقَّدة لتحديد عملاء يطابقون شروطاً شديدة الدقَّة.

وبالتالي، لم تعد العملية: “ابحث عن شركة Z”، بل تحوَّلت إلى:

ابحث عن شركاتٍ استخدمت التقنية X في آخر 6 أشهر، وتملك فريقاً من 20 إلى 50 موظفاً، وحقَّقت نموُّاً إقليمياً بنسبة Z، وتواجه مشكلة بعينها.

هذا النوع من القيود الدقيقة كان يتطلَّب سابقاً تحليلاً يدوياً وجهود بحثٍ مُطوَّلة، أما اليوم فيتولاها الذكاء الاصطناعي بصيغةٍ مُسرَّعة وعالية الحساسية للأنماط.

وفق ما طرحه مارك، فقد غيَّر الذكاء الاصطناعي أيضاً تأهيل العملاء القادمين “inbound lead qualification”، إذ بات ممكناً تقييم العميل المحتمل وتسجيل نقاطه “lead scoring” وترتيب أولوياته عبر إشاراتٍ مركَّبة بدلاً من مقاييس بسيطة كاسم الشركة أو مصدر الزيارة.

واليوم، بات بإمكان الذكاء الاصطناعي تحليل: نبرة الاستفسار، والسلوك التصفحي، ووتيرة التفاعل، واتساق المشكلة، وحجم الميزانية المُقدَّرة، ونية الشراء.. ليخرج بنقاطٍ أقرب إلى النموذج المتقدم (MEDDPICC/ICP)، ولكن بموثوقيةٍ آنية.

 

تسويق أسرع وتحليل أشمل

من جهتها، تشدد “أليسون واجونفيلد”، نائبة رئيس جوجل والمديرة التنفيذية لقسم كلاود، على أن الذكاء الاصطناعي حرَّر فرق التسويق من بطء إعداد الحملة، فبات بوسعهم الوصول برسائل متنوِّعة وفي زمنٍ أسرع بكثير، مع إمكانية القياس والتعديل المستمر بناءً على استجابة الجمهور.

بهذا الصدد تقول أليسون:

الفرق التي تعتمد الذكاء الاصطناعي تستطيع إطلاق مدى أوسع من الرسائل التسويقية بسرعة أكبر، فيما تترك مساحة أكبر للتفكير الشامل: ما المقاييس التي أسعى إلى قيادتها؟ وأيّ مسارات الإسناد (attribution paths) تصنع التأثير الأكبر؟

تُشير أليسون إلى تحوُّلٍ حقيقي في فلسفة توظيف فرق “الذهاب إلى السوق”، فبينما كان السوق يُقدِّس “التخصُّص الفرعي الدقيق” مثل “مسوِّق إعلانات في تقنية SaaS للمؤسسات فقط”، باتت الأُولوية اليوم لاختيار المواهب التي تملك عقلية البحث، وفضول التجربة، والقدرة على فهم العميل واستيعاب ما تُولِّده البيانات من إشارات، أكثر من الوظائف المقيَّدة بمسمَّى بالغ الصغر.

كما تُسمِّي ذلك الاتجاه باسم “Curiosity-first hiring”، حيث “الفضول” يصبح رأسَ المال الأول للابتكار في عصرٍ تتغير فيه طرق الوصول إلى العملاء بنفس سرعة تغيُّر توقعات العملاء أنفسهم.

 

الدور الباقي للخبرة البشرية

مع ذلك، لا ترى أليسون ولا قائد قطاع الناشئين لدى “أوبن إيه آي” أن الذكاء الاصطناعي ألغى الحاجة لصناعة التسويق أو أساسيات البيع.

يُؤكِّد قادة المؤسَّستين، أن الذكاء الاصطناعي يُسرِّع ويدقِّق.. لكنه لا يُبدِّد أهمية وظيفة التسويق: فهم السوق، واستخلاص رؤى العملاء، وإنتاج الإبداع المؤثِّر، وبناء الثقة، ومعرفة لماذا تعمل رسالة ولا تعمل أخرى؟

 

بُعدٌ جديد

ما بين تآزر الرؤية لدى المؤسَّستين (أوبن إيه آي وجوجل) تبرز طبقةٌ مستحدثة تُسمّى اليوم (GTM Intelligence)، وتجمع بين:

  • تحليل النوايا (intent analysis)
  • التخصيص المفرط (hyper-personalization)
  • اكتشاف الفرص بناءً على الإشارات (signal-driven opportunity mining)
  • أتمتة الاختبار التجريبي (rapid hypothesis cycles)
  • تحسين الموارد (resource amplification rather than replacement)

وهي جميعها تظهر بوصفها دعائم صلبة لاستراتيجيات الذهاب إلى السوق في 2026 وما بعدها.

 

المصادر:

Techcrunch

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى