السعودية تدرس اعتماد العملات الرقمية المستقرة في التمويل العقاري
تسهل العملات المستقرة التمويل العقاري وتمكن المطورين العقاريين من الوصول لمصادر تمويل جديدة
كشفت تقارير إعلامية أن جهات حكومية في المملكة العربية السعودية تدرس آلية استخدام العملات الرقمية المستقرة كوسيلة جديدة للتمويل العقاري، بهدف تسهيل عمليات التملك وتبسيط التسويات المالية الفورية داخل السوق العقاري.
ووفقاً لمصادر مطلعة صرحت لـ”العربية.نت”، تعمل الجهات التنظيمية على استكمال الدراسات الفنية والتشريعية اللازمة لإقرار نظام جديد يسمح باستخدام العملات الرقمية المستقرة مثل USDT وUSDC المدعومتين بالدولار في شراء العقارات.
وتهدف هذه التشريعات إلى تسهيل التمويل العقاري عبر أدوات دفع غير تقليدية، وتمكين المطورين العقاريين من الوصول إلى مصادر تمويل جديدة، وتعزيز أدوات التملك السكني بما يتماشى مع أهداف رؤية السعودية 2030.
ما هي العملات الرقمية المستقرة؟
العملات الرقمية المستقرة هي نوع من العملات المشفرة التي تهدف إلى الحفاظ على قيمة ثابتة نسبياً، وذلك عبر ربطها بأصول تقليدية مثل الدولار الأمريكي أو الذهب.
وفي وقت تشهد أسعار العملات الرقمية تقلبات حادة، تقدم هذه الفئة من العملات حلاً تقنياً يوازن بين الابتكار والاستقرار المالي، مما يجعلها خياراً أكثر أماناً في التداول والتحويلات.
وتختلف العملات المستقرة في طريقة ضمان استقرار قيمتها.
بعض الأنواع تعتمد على دعم نقدي فعلي، حيث تُربط مباشرة بعملة ورقية مثل الدولار وتُدار باحتياطات مالية محفوظة في البنوك، وهذا النموذج يمنح المستخدمين ثقة أكبر في القيمة الفعلية للعملة الرقمية.
في المقابل، هناك عملات مستقرة مدعومة بأصول مشفرة، حيث تُربط بأصول رقمية مثل الإيثيريوم وتُدار عبر عقود ذكية تضمن التوازن بين العرض والطلب، وهذا النوع يتيح الاستفادة من تقنيات البلوكشين دون الحاجة إلى تدخل مصرفي مباشر.
أما النوع الثالث، فهو العملات الخوارزمية، التي لا تعتمد على أي احتياطات فعلية، بل تستخدم خوارزميات مبرمجة لضبط كمية المعروض من العملة تلقائياً بما يحافظ على استقرار السعر.
وتُستخدم العملات المستقرة في مجموعة واسعة من التطبيقات، أبرزها التحويلات المالية السريعة، التداول الآمن، والمدفوعات الرقمية.
ومع ذلك، هي لا تخلو من التحديات، خصوصاً تلك المتعلقة بالشفافية والثقة في الجهات المُصدِرة، إضافة إلى الجدل التنظيمي حول طبيعة هذه العملات ودورها في النظام المالي العالمي.
العملات الرقمية المستقرة.. نضج نسبي
تأتي الخطوة السعودية في وقت تضاعفت فيه القيمة السوقية للعملات المستقرة عالمياً بأكثر من عشرة أضعاف منذ عام 2020 متجاوزة حاجز 300 مليار دولار، ما يعكس نضج هذه الأصول الرقمية كأدوات مالية قابلة للتوظيف في القطاعات الحيوية.
ورغم عدم تحديد موعد رسمي لتطبيق النظام، إلا أن هذه الخطوة تمثل تحولاً استراتيجياً يفتح المجال أمام المستثمرين المحليين والدوليين للتملك عبر أدوات دفع رقمية مرنة وآمنة.
تمهيد حكومي لحل العملات الرقمية المستقرة
وكانت الرياض استضافت في آذار الماضي القمة العالمية للبروبتك 2025، وهي فعالية دولية رائدة في مجال التقنية العقارية.
وعقدت القمة هذا العام تحت شعار “الابتكار لمستقبل مستدام” بمشاركة أكثر من 100 متحدث من 85 دولة، بهدف استكشاف أحدث حلول المدن الذكية والتنمية الحضرية المستدامة.
وأشار وزير الشؤون البلدية والإسكان ماجد الحقيل في كلمة له خلال القمة إلى أن العالم يشهد إعادة تعريف للبنية المالية، وأن العملات المستقرة باتت تمثل أساساً جديداً لتحرك القيمة عالمياً.
وأضاف الوزير أن هذه العملات تُعد بنية تحتية حديثة للتسويات، وخطوة متقدمة نحو السيادة المالية، وإذا دُمجت بعناية ضمن اللوائح السعودية، باستخدام الأنظمة الوطنية وبما يتماشى مع القيم المحلية، فستُنشئ نظاماً مالياً أسرع وأكثر أماناً.
وأوضح أن البيانات أصبحت أداة سياسية تترجم السياسات إلى نتائج قابلة للقياس، معتبراً أن هذا التحول يحمل بعداً استراتيجياً يتجاوز الجانب التقني بالنسبة للسعودية، مبيناً أن العملات المستقرة تُسهّل تدفق القيمة بنفس سرعة تدفق المعلومات، وتجعل تسوية العقارات فورية، وحسابات الضمان آلية، والاستثمار العابر للحدود أكثر سهولة.
وأكد الحقيل أنه بات بإمكان مطور عقاري في الرياض الحصول على رأس مال موثوق من سنغافورة أو لندن خلال ثوانٍ مع الامتثال الكامل لقوانين البيانات والأنظمة المالية السعودية، لافتا إلى أنه مع كل ريال أو دولار رقمي مدعوم باحتياطيات يمكن للجهة التنظيمية الاطلاع عليها وتدقيقها ومراقبتها.
وأضاف أن المملكة تمضي نحو منظومة مالية وعقارية أكثر شفافية وكفاءة واستدامة، موضحاً أن الرياض تتقدم لتكون مركزاً عالمياً للابتكار في التمويل العقاري الذكي وجودة الحياة.
المصادر
