مقالات

سلطنة عُمان .. استراتيجيات وطنية تمكّن العمل الالكتروني وتوسع الاقتصاد غير النفطي

بلغ عدد تراخيص التجارة الإلكترونية حوالي 6 آلاف ترخيص حتى نهاية 2024

 

تشهد سلطنة عُمان نمواً مطّرداً في مؤشرات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، نتيجة تكامل التخطيط الاستراتيجي مع التحول العالمي نحو الاقتصاد الرقمي، الأمر الذي يضع البلاد على مسار متسارع نحو الابتكار والتنويع الاقتصادي.

وفي قلب هذا التحول، يبرز قطاع العمل الإلكتروني كأحد الروافد الحيوية الجديدة، في انسجام مع رؤية “عُمان 2040” التي تستهدف رفع مساهمة القطاعات غير النفطية إلى أكثر من 90% من الناتج المحلي، وتعزيز موقع السلطنة ضمن أفضل 20 دولة في مؤشرات الابتكار والتنافسية.


بيئة تنظيمية داعمة وأدوات تمكين رقمية

منذ انطلاق تنفيذ رؤية عُمان 2040 في عام 2021، شهد قطاع العمل الإلكتروني تحولات جذرية، مدفوعة بجهود حكومية ومبادرات تشريعية وتقنية لتسهيل مزاولة التجارة الرقمية.

ويزاول العمل الالكتروني الحر في سلطنة عمان نشاطه ضمن فضاء خطة وطنية متكاملة للتجارة الإلكترونية تندرج تحت مظلة البرنامج الوطني للاقتصاد الرقمي وتمتد بين عامي (2022–2027).

وصرّحت عزاء بنت إبراهيم الكندية، مديرة الشؤون التجارية والتجارة الإلكترونية بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار لوكالة الأنباء العمانية أن التجارة الإلكترونية أصبحت من أبرز مجالات العمل الحر في عُمان، بفضل الإجراءات الحكومية التي “تمكّن الأفراد من ممارسة هذه الأعمال بصورة قانونية ومنظمة”.


أبرز المبادرات الحكومية الداعمة للعمل الالكتروني الحر في السلطنة

1- سجل “عمل حر”

يتيح مزاولة أكثر من 200 نشاط تجاري إلكتروني برسوم رمزية ضمن إطار تنظيمي واضح، مما يسهم في تعزيز موثوقية الأعمال الرقمية.

2- منصة “معروف عُمان”:

لتوثيق المتاجر الرقمية الخاصة بالمشاريع الالكترونية المرخصة في البلاد، وتعزيز ثقة المستهلكين في الأعمال.

3- برامج وورشات تدريبية تستهدف رواد الأعمال والتجار العمانيين:

  • برنامج تمكين رواد الأعمال من التفاعل مع منصات مثل Amazon وNoon.
  • أدلة إرشادية لتسهيل انخراط رواد الأعمال في سلسلة الإمداد العالمية والتي تشمل جميع المراحل التي تمر بها السلعة أو الخدمة، بدءاً من المواد الخام، وانتهاءً بالتوزيع إلى المستهلك النهائي في أي مكان في العالم.

4- مبادرة “مكين” للارتقاء بالكفاءات العمانية في تقنيات المعلومات

انطلقت عام 2022 لتأهيل 10 آلاف من الشباب العماني في القطاع الرقمي بحلول عام 2025، وتزويدهم بالمهارات التي يتطلبها سوق العمل الرقمي مثل الذكاء الاصطناعي، تحليل البيانات الضخمة، البرمجة وتطوير التطبيقات، الأمن السيبراني، وغيرها.

وتشير المسؤولة العمانية إلى دور هذه المبادرات في تمكين الكفاءات العمانية مبينة أنها “تسهم في إبراز الكفاءات في مجالات مثل التسويق الرقمي، التصميم، وتطوير البرمجيات، وتدعم الابتكار وتوليد حلول جديدة تفيد السوق المحلي”.

أوجه مساهمة الأعمال الحرة الإلكترونية في الاقتصاد العماني

  • توفر فرص عمل مرنة خاصة لفئة الشباب والخريجين، وتخلق مصادر دخل جديدة للباحثين عن العمل، علماً أن معدل الباحثين وصل إلى 3.0% حتى مارس آذار 2025.
  • تعزز ثقافة الخدمات الرقمية وتوسع مجالات التسويق الرقمي، التصميم، تطوير البرمجيات، وتكرّس مفهوم العمل عن بُعد والمستقل في المجتمع العُماني.
  • تدعم توسيع النشاطات الاقتصادية والتجارية على المستوى المحلي.
  • تدعم الابتكار والتحول الرقمي حيث تسهم في تعظيم القيمة المضافة وتحفيز الاقتصاد المحلي وتدخل خدمات وتقنيات مبتكرة إلى السوق، وتنتج حلولاً جديدة تفيد المؤسسات والشركات المحلية.


أحدث مؤشرات تطور التجارة الإلكترونية والتحول الرقمي في عُمان حتى عام 2025

مؤشرات التجارة الإلكترونية

  • عدد تراخيص التجارة الإلكترونية: اقترب من 6 آلاف ترخيص حتى نهاية 2024.
  • توثيق المتاجر الإلكترونية: تم توثيق 100 متجر إلكتروني عبر منصة “معروف عُمان”.
  • نمو السوق: يُقدّر حجم سوق التجارة الإلكترونية بـ 0.75 مليار دولار في 2024. ومن المتوقع أن يصل إلى 1.41 مليار دولار بحلول 2029، بمعدل نمو سنوي مركب 13.54%.
  • التسوق عبر الحدود: أكثر من 25% من المستهلكين يشترون من مواقع أجنبية، أبرزها الصين.
  • انتشار الهواتف الذكية: يقترب من 100%، مما يعزز فرص التجارة عبر التطبيقات.

مؤشرات التحول الرقمي

  • مؤشر تطوير الخدمات الإلكترونية: تقدمت السلطنة إلى المرتبة 41 عالمياً في 2024، بزيادة 9 مراتب.
  • مؤشر جاهزية الذكاء الاصطناعي: عُمان في المرتبة 45 عالمياً، بزيادة 4 مراتب.
  • الخدمات الحكومية الرقمية: بلغت نسبة الخدمات الحكومية المنجزة رقمياً 34% من أصل 80 % بحلول 2025، بينما بلغت نسبة الجاهزية الرقمية في القطاع العام 55% (بينما الهدف 85%).

وهنا يبرز السؤال عن أبرز التحديات التي تحول دون التحول الرقمي الكامل رغم المبادرات والخطط الطموحة.

أبرز تحديات التحول الرقمي الكامل في سلطنة عمان

  • تفاوت جاهزية البنية التحتية بين المحافظات، خاصة في المناطق الريفية.
  • الحاجة إلى تسريع نشر شبكات الجيل الخامس (5G) وتوسيع نطاق الألياف البصرية.
  • نقص الكفاءات البشرية المتخصصة وهجرة بعض الكفاءات إلى الخارج بحثاً عن فرص أفضل.
  • لاتزال بعض المؤسسات تعتمد على إجراءات تقليدية غير مؤتمتة مايحتم إعادة هيكلة مؤسساتية وهندسة الإجراءات لتكون أكثر مواءمة بين النظرية والتطبيق العملي.
  • وجود فجوات في تكامل البيانات بين الجهات الحكومية وحاجة إلى بنية موحدة لتبادل البيانات وتحقيق تجربة مستخدم متكاملة.


ختاماً

رغم التحديات، شهد الاقتصاد العماني تعافياً قوياً في 2022 بعد جائحة كوفيد-19، وفي 2023 و2024 تباطأ النمو نتيجة تراجع الأنشطة النفطية، لكن القطاعات غير النفطية واصلت النمو، خاصة الصناعة والخدمات.

وارتفعت مساهمة القطاعات غير النفطية إلى 27.9 مليار ريال عماني في وقت بلغ الناتج المحلي الإجمالي 41.1 مليار ريال عُماني.

وبذلك، يبدو واضحاً مضي سلطنة عُمان نحو عصر رقمي متكامل، وتظهر المؤشرات أن العمل الإلكتروني والتجارة الرقمية يعدان من أبرز المحركات الجديدة لنمو الاقتصاد الوطني.

المصادر
وكالة الأنباء العمانية
Omandaily
Tahawul
Mordorintelligence
Viewbusinessdev

 

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى