مقالات

هيومين .. مشروع سعودي سيادي رائد لقيادة مستقبل الذكاء الاصطناعي في المنطقة والعالم

تقدير مالي تقريبي للمشروع يتجاوز 110 مليار دولار وطموح لمعالجة 7% من أحمال التدريب والاستدلال العالمية بحلول عام 2030

انسجاماً مع رؤيتها الاستراتيجية لتنويع الاقتصاد من خلال التحول الرقمي والابتكار التكنولوجي، تخطو المملكة العربية السعودية بثبات نحو تحقيق السيادة الرقمية من خلال مجموعة متكاملة من السياسات والتقنيات والبنى التحتية لضمان التحكم الكامل في فضائها الرقمي.

ويعد مشروع هيومين الذي أطلقته المملكة في أيار الماضي من أهم الركائز التي تحقق هذه الرؤية بفضل أهدافه وخططه الطموحة التي تسعى إلى تمكين التحكم السيادي بالبيانات وتوطين التكنولوجيا وإدارة الجهود والسياسات الرقمية وتعزيز الأمن السيبراني ودعم الابتكار الوطني.

ونظراً لأهميته وفرادته في المنطقة العربية، نعرض في هذا المقال أبرز ملامح مشروع هيومين وأهدافه وشراكاته الدولية والمستقبل المتوقع من تفعيله.

أبرز ملامح مشروع هيومين

الجهة المالكة

صندوق الاستثمارات العامة السعودي الذي تبلغ قيمته نحو 940 مليار دولار.

النطاق الجغرافي المستهدف

السعودية مع توجه طموح للتوسع في المنطقة العربية والعالم.

الهدف المركزي

تطوير تقنيات ذكاء اصطناعي تتفاعل مع الثقافة واللغة العربية من خلال نموذج لغوي كبير ( LLM ) باللغة العربية.

التقدير المالي التقريبي

بنية تحتية عملاقة وباقات استثمارية تتجاوز قيمتها 110 مليار دولار (عقود وشراكات تقنية: 23 مليار، صندوق استثماري لدعم الشركات الناشئة: 10 مليار، بنية تحتية لمراكز البيانات نحو 77 مليار دولار) إلى جانب التمويل الرئيسي من صندوق الاستثمارات العامة.

لماذا يعد مشروع هيومين نموذجاً فريداً في المنطقة؟

يعد المشروع فريداً لأنه يتميز بتركيزه على السيادة الرقمية، اللغة والثقافة العربية، التنوع الاستثماري لتقليل الاعتماد على مزود واحد وضمان استقلالية القرار التقني.


مشروع هيومين .. مستقبل رقمي سيادي وطموح عالمي

ووفقا لتقرير لصحيفة Financial Times، فإن مشروع هيومين يهدف إلى تأسيس قدرة حوسبة لمراكز البيانات تصل إلى 1.9 جيجاواط بحلول عام 2030، والتوسع إلى 6.6 جيجاواط بحلول 2034 وهذا الرقم من أعلى الطموحات في قطاع مراكز البيانات عالمياً.

كما تخطط “هيومين” لمعالجة 7% من أحمال التدريب والاستدلال العالمية (global AI workloads) بحلول عام 2030، وهو هدف طموح لم يُحققه إلا عدد قليل من شركات التقنية الكبرى.

محلياً، يهدف المشروع إلى تقديم أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطوير نموذج لغوي عربي كبير، إلى جانب تأسيس مراكز بيانات متطورة وبنية تحتية متكاملة للحوسبة السحابية، لتكون الأساس لمنظومة رقمية عالية الكفاءة.

ويسعى المشروع إلى تسريع تطبيق الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات الحيوية، كالرعاية الصحية، الطاقة، الصناعة والخدمات المالية، عبر توفير حلول رقمية متكاملة تدعم الاقتصاد الرقمي وتعزز التحول الذكي على المستويين المحلي والعالمي.

ويركّز “هيومين” على دعم الابتكار الوطني وتعزيز الملكية الفكرية، كما يعمل على جذب الاستثمارات وأفضل الكفاءات في المجال، مما يسهم في ترسيخ مكانة المملكة كمركز عالمي منافس في تطوير ونشر تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة.

ويقدّم المشروع حلولاً قابلة للتوسّع والتكيّف، تشمل المدن الذكية، والجهات الحكومية، والطاقة والأسواق المالية، من خلال منتجات ذكية تُدار بكفاءة عالية، سواء عبر “هيومين” مباشرة أو من خلال شبكة شركائه الاستراتيجيين، لضمان التطور المستمر والتحول الرقمي المستدام.

شراكات هيومين العالمية لتسريع تطوير الذكاء الاصطناعي

في إطار التعاون الدولي، أبرم مشروع “هيومين” سلسلة من الشراكات مع نخبة من الشركات التقنية العالمية بهدف تسريع تحقيق أهدافه في الذكاء الاصطناعي، خصوصاً في مجالات البنية التحتية، النماذج اللغوية، والتطبيقات المتقدمة مع حرصه على الاستقلال الاستراتيجي.

ولا تركز هذه الشراكات فقط على التقنية، بل تُسهم أيضاً في تمكين الشركات الناشئة، تحقيق السيادة الرقمية، وترسيخ مكانة المملكة كمركز عالمي للابتكار في الذكاء الاصطناعي.

وتتمحور الشراكات حول الغايات والأطراف التالية:

دعم البنية التحتية والتدريب الحوسبي

تتعاون “هيومين” مع شركة ايه ام دي ” Advanced Micro Devices ” لتوفير رقائق متطورة تدعم مراكز البيانات في السعودية والولايات المتحدة بقيمة 10 مليارات دولار.

إلى جانب ذلك هي تتعاون مع نفيديا “Nvidia” التي تقود تطوير الذكاء الاصطناعي الفيزيائي عبر شراكة لبناء مصانع طاقة بقدرة 500 ميجاواط، إلى جانب استخدام منصة Omniverse ووحدات GB300 لتدريب النماذج، مع مبادرة لتأهيل آلاف السعوديين في مجالات الروبوتات والتوأم الرقمي والمحاكاة الفيزيائية.

كما تعمل مع كوالكوم “Qualcomm” على توطين صناعة الرقاقات من خلال تطوير مراكز بيانات وتقديم حلول هجينة بين الأجهزة الطرفية والسحابة، إضافة إلى دعم نماذج اللغة العربية وتدريب الكفاءات محلياً.

تعزيز الإبداع والتطبيقات المتقدمة

من أبرز الشراكات في هذا المحور تأتي الشراكة مع شركة لوما “Lumaa” لدعم قطاع الإعلام والإنتاج السينمائي عبر أدوات لإنتاج فيديو وصور واقعية ضمن مبادرة Humain Create.

كما عقدت شراكة مع Amazon Web Services بهدف إنشاء منطقة ذكاء اصطناعي باستثمار يتجاوز 5 مليارات دولار، وتطوير نماذج عربية باستخدام خدمات Bedrock وSage Maker.

بالإضافة إلى ذلك، ستعزز الشراكة مع كل من شركة Cerebras Systems و Groq Inc أداء مراكز البيانات باستخدام معالجات متخصصة لتسريع تدريب النماذج اللغوية باللغة العربية وتقليل الاعتماد على مزودي الشرائح التقليديين.

 


سيادة رقمية ونمو اقتصادي مستدام عبر شراكة سابقة مع Google Cloud

وكان تم الإعلان سابقاً عن شراكة استراتيجية بارزة بين السعودية ممثلة بـ صندوق الاستثمارات العامة وGoogle Cloud في تشرين الأول أكتوبر 2024 خلال منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار.

وتهدف الشراكة إلى إنشاء مركز عالمي للذكاء الاصطناعي في مدينة الدمام، تطوير البنية التحتية السحابية باستخدام أحدث تقنيات تحسين النماذج اللغوية العربية خاصة في تطبيق Gemini من Google، عبر دمج بيانات إضافية وتطوير حلول مخصصة للمنطقة العربية.


الآثار المتوقعة لمشروع هيومين

يتوقع مراقبون أن مشروعاً طموحاً وعملاقاً بحجم هيومين سيكون له آثار استراتيجية كبرى على المستويات كافة محلياً، عربياً، وعالمياً، أبرزها:

الأثر المحلي:

  1. تعزيز التحول نحو الاقتصاد الرقمي والمعرفي، وتقليل الاعتماد على النفط.
  2. تحفيز الاقتصاد الوطني: يتوقع أن يسهم هيومين في إضافة أكثر من 70 مليار دولار للناتج المحلي الإجمالي.
  3. خلق آلاف الوظائف الجديدة في علوم البيانات، هندسة الحوسبة، الأمن السيبراني، تطوير النماذج اللغوية، صناعة الرقاقات.
  4. بناء شركات ناشئة سعودية قادرة على المنافسة عالمياً، وتأسيس بيئة حاضنة للمواهب والمهارات الرقمية، مع دعم التعليم والتدريب عبر شراكات Nvidia وAWS.
  5. تحقيق السيادة الرقمية وتوطين التكنولوجيا وبناء سلاسل توريد تقنية من خلال الشراكات مع Qualcomm وAMD.

الأثر العربي والإقليمي

  1. قيادة الذكاء الاصطناعي باللغة العربية.
  2. تحفيز التعاون الإقليمي ودعم رقمنة الحكومات العربية.
  3. منح فرص غير مسبوقة للشركات الناشئة في المنطقة للوصول إلى تمويل وخبرات وموارد حوسبية ضخمة.

الأثر العالمي

  1. إحداث تحوّل “جيوتقني” من خلال إعادة توزيع مراكز القوة في الذكاء الاصطناعي وتعزيز موقع المنافسة العربية في نادي الكبار تقنياً.
  2. إعادة صياغة معايير الذكاء الاصطناعي السيادي (Sovereign AI) في العالم.
  3. تعزيز مكانة السعودية كوجهة استثمارية رقمية عالمية.

المصادر
صندوق الاستثمارات العامة السعودي
Humain
Arabianbusiness
Aljazeera
pif
Cnbcarabia
Datacenterdynamics
Notchar
Financial Times

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى