الأمن السيبراني في عصر الذكاء الاصطناعي: كيف يعيد GenAI تشكيل الدفاعات الرقمية في قطاع الاتصالات
الجرائم الإلكترونية ستكلف العالم تريليون دولار شهرياً بحلول عام 2031

في عصرٍ تتسارع فيه التهديدات السيبرانية وتزداد تعقيداً بفعل الذكاء الاصطناعي، لم يعد الأمن في قطاع الاتصالات مجرد خيار، بل أصبح ضرورة ملحّة، لاسيما مع ارتباط مليارات الأشخاص والأجهزة عبر شبكات الاتصالات، وتحول هذه البنية التحتية الحيوية إلى هدف رئيسي للهجمات الإلكترونية المتطورة.
وفي ظل هذا الواقع الجديد، يبرز الذكاء الاصطناعي التوليدي (GenAI) كعامل حاسم في إعادة تشكيل استراتيجيات الدفاع السيبراني، وكذلك إعادة تعريف دور فرق الأمن، بحيث يصبحون مراقبين استراتيجيين بدلاً من منفذين تقليديين، مما يمهد الطريق نحو مستقبل تكون فيه الشبكات قادرة على حماية نفسها بشكل مستقل دون تدخل بشري مكثف.
في هذا الإطار كتب مدير مركز نوكيا الأمني بفنلندا جيرالد ريديج مقالاً بعنوان (التحذيرات تتصاعد: لماذا يحتاج قطاع الاتصالات إلى دفاع استباقي مدعوم بالذكاء الاصطناعي) سلط فيه الضوء على أساليب الهجوم الحديثة في بيئة قطاع الاتصالات والتي ينفذها “مجرمو الإنترنت”، الذين لم يعودوا هواة، محذراً من خطورة الاستمرار في اتباع الأساليب التقليدية لمواجهة هذه الهجمات.
أساليب الهجوم السيبراني المتقدمة
من بين أساليب الهجوم التي ركز عليها ريديج في مقاله:
- هجمات الحرمان من الخدمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي (AI-powered DDoS): التي تعمل على زيادة اصطناعية في حركة مرور الشبكة، مما يؤدي إلى شلل كامل للبنية التحتية.
- تكتيكات متعددة الاتجاهات: تُشن هجمات متزامنة من عدة اتجاهات في نفس الوقت، مما يزيد من الارتباك الأمني ويوسع نقاط الضعف في الشبكات.
- الخداع العميق: يُستغل المحتوى الذي يُنتجه الذكاء الاصطناعي، مثل الرسائل المزيفة والصوتيات والفيديوهات المضللة، لخداع المستخدمين والحصول على وصول غير مصرح به.
- الاختراقات الصامتة: يبقى المهاجمون غير مكتشفين لعدة أشهر، مما يمكنهم من اختراق الشبكات وسرقة البيانات القيمة بصمت.
الجرائم الإلكترونية ستكلف العالم تريليون دولار شهرياً بحلول عام 2031
وأشار ريديج إلى تقرير مؤسسة Cybersecurity Ventures لعام 2025 الذي يتوقع نمو حجم الجرائم الإلكترونية العالمية بنسبة 15% خلال العامين المقبلين، ليصل إلى 10.5 تريليون دولار أمريكي سنوياً بحلول عام 2025، و12 تريليون دولار أمريكي في عام 2031، ارتفاعاً من 3 تريليون دولار أمريكي في عام 2015.
ولفت نقلاً عن ويليام ماكين من مكتب التحقيقات الفيدرالي الامريكي (FBI) إلى أن الجرائم المتطورة يرتكبها أشخاص صغار السن حيث يبلغ متوسط عمر أي شخص يُعتقل بتهمة ارتكاب جريمة في الولايات المتحدة 37 عاماً، بينما يبلغ متوسط عمر من يُعتقل بتهمة ارتكاب جريمة إلكترونية 19 عاماً، ما يعكس تغييراً جوهرياً في طبيعة هذه التهديدات.

الأمن الاستباقي القائم على الذكاء الاصطناعي التوليدي (GenAI)
الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI) هو نوع من الذكاء الاصطناعي يستخدم نماذج توليدية لإنشاء محتوى جديد مثل النصوص، الصور، الفيديو، الصوت، و التعليمات البرمجية استجابةً لطلب المستخدم وبناء على البيانات التي يتم تدريبه عليها.
هذه التقنية تعتمد على نماذج تعلم عميق تحاكي عمليات التعلم واتخاذ القرار في الدماغ البشري وهو يختلف عن الذكاء الاصطناعي التقليدي في طبيعة معالجة البيانات والقدرة على الإبداع والمرونة والتعلم المستمر والأنظمة المستخدمة فيه.
ويوضح جارتنر أهمية الدور المحوري الذي يلعبه الذكاء الاصطناعي التوليدي (GenAI) في تعزيز الدفاعات السيبرانية من خلال:
- صياغة المعرفة: فهم مؤشرات الاختراق (IoC) واستيعاب خطورة التهديدات لتسريع اتخاذ القرارات الأمنية.
- إنشاء المحتوى: تطوير قواعد كشف مخصصة للتهديدات وصياغة سياسات أمنية متوافقة مع متطلبات الاتصالات.
- التنبؤ بالتهديدات: مراقبة معلومات استخبارات التهديدات وتحليل بيانات الشبكات لتحديد أنماط الهجمات المحتملة قبل وقوعها، واقتراح أو تنفيذ إجراءات استباقية للتخفيف من التهديدات.
ووفقاً لتوقعاته، سيساهم الذكاء الاصطناعي التوليدي في سد فجوة المهارات الأمنية حتى عام 2028، كما يتوقع أن يقلل الحوادث الأمنية الناتجة عن أخطاء الموظفين بنسبة تصل إلى 40٪ بحلول عام 2026 في المؤسسات التي تعتمد على برامج سلوك وثقافة الأمن (SBCP) المتكاملة، مما يُحدث نقلة نوعية في طرق توظيف وتدريب محترفي الأمن السيبراني.
سد الفجوة بين محللي SOC وعلماء البيانات
يشدد ريديج على أهمية التعاون بين محللي مركز عمليات الأمن (SOC) وعلماء البيانات لتعزيز الأمن السيبراني، معتبراً أنه يمكن تسريع الاستجابة للحوادث وتقليل الأضرار المحتملة، من خلال الاكتشاف الاستباقي للتهديدات بالاعتماد على GenAI، ما يمهد الطريق نحو عمليات أمنية مستقلة تحل المشكلات بشكل استباقي، مع بقاء فرق الأمن في حالة سيطرة كاملة.
رؤية نوكيا للحلول الأمنية الرقمية
يلفت ريديج إلى أحد الحلول الأمنية التي تقدمها شركة نوكيا لمشغلي الاتصالات وهو نظام “NetGuard Cybersecurity Dome “المدعوم بـالذكاء الصناعي التوليدي GenAI ، مبيناً أنه يعمل على أتمتة اكتشاف التهديدات ومعالجتها فوراً، وربط بيانات الشبكات لتحليل الهجمات المعقدة بفعالية، ناهيك عن توليد رؤى أمنية قابلة للتنفيذ بأقل تدخل بشري.
وأوضح أن هذا الحل أثبت فعاليته من خلال تقييمات مثل Frost & Sullivan 2025، حيث يوفر حماية شاملة لبيانات المشتركين وبيانات OT، مما يضمن استمرارية الأعمال وتأمين البنية التحتية الحيوية ضد الهجمات السيبرانية.
عن جيرالد ريديج
يذكر أن جيرالد ريديج هو مؤلف معروف في مجالات الأمن السيبراني وخصوصية البيانات، وإيجاد الحلول لمنع الثغرات الأمنية وأحصنة طروادة وهجمات الوسيط، وهو يقود جهود التسويق العالمية لحلول نوكيا الأمنية، كما أنه عضو في منتدى النطاق العريض العالمي، ويدير عضوية نوكيا في تحالف إنترنت الأشياء للأمن السيبراني، إلى جانب إدارة مركز نوكيا الأمني في فنلندا.
المصدر Nokia