من الورق إلى الخوارزميات: عودة نوكيا إلى الواجهة بشراكة إنفيديا
عُرفت نوكيا بصناعة الورق والمطاط قبل أن تصبح رمزاً لعصر الهواتف المحمولة

بعد أكثر من 150 عاماً من التحولات الصناعية والرقمية، تعود شركة نوكيا الفنلندية لتكتب فصلاً جديداً في مسيرتها، وهذه المرة عبر رهان إستراتيجي على الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات، بالشراكة مع عملاق التقنية الأميركي إنفيديا.
تاريخياً، عُرفت نوكيا بصناعة الورق والمطاط قبل أن تصبح رمزاً لعصر الهواتف المحمولة، لكن انهيارها أمام صعود آبل وسامسونج أجبرها على إعادة تشكيل هويتها.
واليوم، تسعى الشركة إلى العودة مجدداً في قلب الثورة التكنولوجية المعاصرة، مستفيدةً من خبرتها في شبكات الاتصالات وبنيتها التحتية العالمية.

استثمار بقيمة مليار دولار يعيد الثقة في مستقبل نوكيا
استحوذت إنفيديا على حصة تبلغ 2.9% من أسهم نوكيا، بقيمة تقترب من مليار دولار، في صفقة تهدف إلى دمج شرائح إنفيديا الحوسبية المتقدمة في أنظمة وبرمجيات شبكات الجيلين الخامس والسادس (5G و6G) التي تطورها نوكيا.
يُنظر إلى هذا التعاون باعتباره نقلة نوعية في مسار الشركة الفنلندية، إذ سيُتيح لها الوصول إلى قدرات حوسبة عالية الأداء، ويمنح إنفيديا في المقابل فرصة لتوسيع حضورها في بنية الذكاء الاصطناعي التحتية الخاصة بالاتصالات ومراكز البيانات.
من جانبه، قال “جنسن هوانج” الرئيس التنفيذي لإنفيديا:
استثمرتُ في نوكيا لأنني متحمس للغاية للعمل المشترك بين الشركتين.. هذه الشراكة فكرة عبقرية بحق.
قيادة جديدة تدفع نحو التحول الرقمي العميق
يقود “جاستن هوتراد” الرئيس التنفيذي الجديد لنوكيا، هذا التحول الجريء، وهو أحد الأسماء البارزة في عالم الذكاء الاصطناعي، إذ شغل سابقاً منصب رئيس قسم الذكاء الاصطناعي في إنتل.
يهدف هوتراد لتحويل نوكيا إلى لاعب أساسي في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي العالمي، عبر تطوير حلول متقدمة تجمع بين شبكات الاتصالات فائقة السرعة والحوسبة الذكية.
فيما يُعتبر هذا النهج امتداداً لمسار بدأته الشركة منذ عام 2013، عندما غادرت سوق الهواتف المحمولة لتتحول بالكامل إلى مزود لحلول شبكات الاتصالات، ما عزز امتلاكها اليوم لخبرة كبيرة في تقنيات الجيل الخامس وتطوير البنية التحتية الرقمية.
شراكة تضع نوكيا في موقع إستراتيجي فريد
في السياق نفسه، يرى خبراء أن التعاون بين نوكيا وإنفيديا يعكس تحوُّلاً جذرياً في هوية الشركة الفنلندية، التي تسعى إلى الدمج بين الذكاء الاصطناعي وشبكات الاتصال لتأسيس جيل جديد من الحوسبة الشبكية الذكية.
فمن خلال هذه الخطوة، تسعى نوكيا إلى إعادة التموضع في منطقة وسط بين البنية التحتية للاتصالات والذكاء الاصطناعي، ما يمنحها ميزة تنافسية في سوق تتسابق فيه كبرى الشركات، من أمازون ومايكروسوفت إلى جوجل لبناء قواعد بيانات ضخمة تعتمد على الذكاء الصناعي.
حيث تربط نوكيا عربتها اليوم بأحد أقوى خيول القرن الحادي والعشرين بشراكتها مع إنفيديا التي تُعد إحدى أبرز الشركات في مجال المعالجات الرسومية وخوارزميات الذكاء الاصطناعي.

الذكاء الاصطناعي في صميم هوية نوكيا الجديدة
تمثل هذه الخطوة تحولاً استراتيجياً نحو صناعة المستقبل، حيث تراهن نوكيا على استعادة دورها الريادي في التكنولوجيا العالمية عبر دمج الذكاء الاصطناعي في أنظمة الشبكات ومراكز البيانات.
فمن خلال الاستفادة من خوارزميات إنفيديا المتقدمة، ستتمكن نوكيا من تعزيز أداء شبكاتها وتحسين كفاءة إدارة البيانات الضخمة، ما يفتح المجال لتطبيقات غير مسبوقة في المدن الذكية، وإنترنت الأشياء، والاتصالات الصناعية.
ويُتوقع أن يُسهم التعاون بين الشركتين في تسريع نشر شبكات الجيل السادس (6G)، لأن الذكاء الاصطناعي والحوسبة الموزعة سيكونان حجر الأساس لهذه التقنية المستقبلية.
هل ينجح الرهان الجديد؟
تواجه نوكيا تحدياً مزدوجاً: استعادة مكانتها التاريخية في عالم التقنية، ومواكبة سباق الذكاء الاصطناعي العالمي الذي تهيمن عليه شركات أميركية وصينية كبرى.
لكن دخولها في شراكة مع إنفيديا يمنحها بوابة قوية إلى هذا السوق المتسارع، خاصة مع امتلاكها خبرة واسعة في البنى التحتية للاتصالات على مستوى العالم، ما يجعلها شريكاً مثالياً في بناء الجيل القادم من الشبكات الذكية.
تسعى نوكيا اليوم، التي وُلدت في القرن التاسع عشر كصناعة ورقية، نحو إعادة ولادة رقمية في القرن الحادي والعشرين، مستندةً إلى قوة الذكاء الاصطناعي وخبرة إنفيديا التقنية.
المصادر:




