نتائج مفاجئة: مايكروسوفت اختبرت الوكلاء الذكيين في سوق وهمي
تساؤلات حول مدى جاهزية الوكلاء الذكيين للعمل دون إشراف بشري
في خطوة غير مسبوقة لاختبار قدرات الذكاء الاصطناعي التفاعلية، كشفت شركة مايكروسوفت عن بيئة محاكاة جديدة مصممة لاختبار أداء الوكلاء الذكيين (AI Agents)، عبر دراسة بحثية جديدة أظهرت أن هذه النماذج ما زالت عرضةً للتلاعب رغم تطورها السريع.
أُجري البحث بالتعاون مع جامعة ولاية أريزونا، وطرح تساؤلات جديدة حول مدى جاهزية الوكلاء الذكيين للعمل بشكل مستقل دون إشراف بشري، ومدى واقعية الوعود التي أطلقتها شركات التقنية حول مستقبل “الذكاء التفاعلي” القادر على اتخاذ القرار والتفاوض ذاتياً.
سوق تجريبي للوكلاء الذكيين
أطلقت مايكروسوفت على بيئة المحاكاة اسم “Magentic Marketplace”، وهي منصة اصطناعية تحاكي سوقاً حقيقياً يُستخدم لاختبار سلوك الوكلاء الذكيين في بيئة تنافسية.
وفي أحد السيناريوهات التجريبية، يقوم وكيل ذكي بدور “زبون” يحاول طلب وجبة بناءً على تعليمات المستخدم، بينما تتنافس عدة وكلاء آخرين يمثلون مطاعم مختلفة للفوز بالطلب.
شملت التجارب الأولية 100 وكيلاً يمثلون العملاء، و300 وكيلاً يمثلون الشركات، وبما أن كود المنصة مفتوح المصدر، يمكن للباحثين حول العالم استخدامه بسهولة لإجراء تجارب مماثلة أو إعادة اختبار النتائج.
كيف يتفاوض الذكاء الاصطناعي؟
في السياق نفسه، تقول “إيسي كمار” نائبة رئيس مايكروسوفت:
هناك سؤال حقيقي حول كيفية تغيُّر العالم حين تبدأ هذه الوكلاء بالحديث والتفاوض والتعاون فيما بينها.. نحن نريد فهم هذه الظواهر بعمق.
من جانبها، أكدت كمار أن مثل هذه الدراسات ستكون أساسية لفهم ما إذا كان يمكن الاعتماد على الوكلاء الذكيين في مهام تتطلب قرارات معقدة أو تعاوناً جماعياً.
نقاط ضعف مفاجئة
اختبر الباحثون مجموعة من أبرز النماذج الحالية، من بينها “GPT-4o” و”GPT-5″ و”Gemini 2.5 Flash”، فكانت النتائج مفاجئة ومقلقة في آن واحد.
وجدت الدراسة أن بعض الشركات الوهمية داخل السوق استطاعت التلاعب بالوكلاء العملاء ودفعهم لشراء منتجاتها من خلال أساليب تضليل ذكية.
لاحظ الفريق أيضاً تراجعاً كبيراً في كفاءة الوكلاء كلما زادت الخيارات المعروضة أمامهم، حيث بدا ارتباك النماذج بشكل واضح حين تُطلب منها مقارنة عدد كبير من البدائل.
بهذا الصدد، توضح كمار:
نحن نريد من هذه النماذج أن تساعدنا في معالجة كمٍّ كبير من الخيارات، لكننا نرى أنها في الواقع تُصاب بالإرهاق المعرفي حين يكون عدد الخيارات كبيراً جداً.
تحديات في التعاون الجماعي بين الوكلاء
سلَّطت الدراسة الضوء على مواجهة النماذج صعوبات جمَّة حين طُلب منها التعاون لتحقيق هدف مشترك، وبدت غير قادرة على تحديد أدوارها بدقة داخل الفريق.
ورغم تحسُّن الأداء قليلاً بعد تقديم الباحثين تعليمات أكثر وضوحاً حول كيفية التعاون، لكن الفريق البحثي رأى أن هذا لا يكفي.
في السياق ذاته تُعلِّق كمار:
يمكننا بالطبع توجيه هذه النماذج خطوة بخطوة، لكن إن كنا نختبر قدراتها التعاونية الجوهرية، فمن المفترض أن تمتلك هذه القدرات بشكلٍ فطري.
مستقبل “الوكلاء الذكيين” ما زال بعيداً
رغم الضجة الكبيرة حول مستقبل الوكلاء التفاعليين الذين يُفترض أن يديروا أعمالنا اليومية تلقائياً، من حجز المواعيد إلى المفاوضات التجارية، إلا أن هذه الدراسة من مايكروسوفت تُظهر أن الطريق ما زال طويلاً قبل أن تصبح هذه النماذج قادرة على العمل بموثوقية تامة في بيئة واقعية مليئة بالمنافسة والتعقيد.
فالوكيل الذكي الذي يبدو بارعاً في المحادثة الفردية، قد يفشل في اتخاذ القرار الأمثل أو التعاون بفعالية مع وكلاء آخرين، وهو ما يُعيد النقاش حول ما إذا كانت تقنيات “الذكاء الوكيل” جاهزة لتولي مهام بشرية عالية الحساسية.
المصادر:
