الذكاء الاصطناعي في قفص الاتهام: محامون إماراتيون يحذرون من مخاطره القانونية ويدعون لتشريعات عاجلة
المخاطر تتضمن احتمال ضياع الحقوق و انتهاك سرية المعلومات القانونية

مع تسارع تبنّي تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، يبرز القطاع القضائي كأحد أكثر المجالات حساسية لتأثيرات هذه التكنولوجيا بما يرتبه من حقوق و التزامات وجزاءات ارتباطاً بالنصوص القانونية و آليات فهمها و دقة تطبيقها على أرض الواقع، سواء من المتقاضين، المحامين، أو القضاة.
بناء على ذلك، حذّر محامون إماراتيون من الاعتماد المفرط من قبل المتقاضين على أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي في إعداد الوثائق القانونية لتجنب دفع تكاليف المحامين المتخصصين، مؤكدين أن ذلك قد يؤدي إلى أخطاء قانونية جسيمة نتيجة غياب التحقق الدقيق من المعلومات، وعدم مراعاة خصوصية كل حالة قانونية.
وفي تقرير نشرته صحيفة “الإمارات اليوم” بعنوان “لتلافي أتعاب المحاماة .. متقاضون يستعينون بالذكاء الاصطناعي”، شدد الخبراء الذين استطلعت آراءهم على أن أدوات مثل ChatGPT وDeepSeek Law يمكن أن تكون مفيدة في جمع المعلومات الأولية، لكنها لا تُغني عن التحليل القانوني المتخصص الذي يتطلب فهماً للسياق وتقديراً للعوامل الإنسانية والتشريعية.
ورغم التقدم الكبير الذي أحرزه الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات والتعرف إلى الأنماط، إلا أن المحامين أكدوا أن التمييز القانوني، والتقدير الأخلاقي، والتفاعل مع الحالات المعقدة، تبقى مهارات بشرية لا يمكن استبدالها بالخوارزميات.
وفي سياق التقرير أوضح المحامي سالم سعيد الحيقي أن القانون لا يختزل في نصوص جامدة، بل يقوم على فهم السياق وتقدير الاجتهاد القضائي، وهو ما لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقدمه بمفرده.
وحذر من أن هذه التقنية قد تكون أداة مساعدة فعالة، إلا أن الاعتماد الكامل عليها يحمل مخاطر حقيقية.
أبرز مخاطر اعتماد الموكلين على الذكاء الاصطناعي في إعداد المذكرات القانونية
- عدم دقة المحتوى: إذ قد يستند الذكاء الاصطناعي إلى معلومات غير محدثة أو مغلوطة، ما لم يتم تدقيقها من قبل مختص قانوني.
- غياب الفهم للسياق الواقعي: فالأنظمة الذكية لا تدرك الظروف المحيطة بالقضية كما يفعل المحامي المتمرس، ما قد يؤدي إلى تفسيرات قانونية غير ملائمة.
- تجاهل السوابق القضائية والأعراف المحلية: وهو ما قد يضعف الحجة القانونية أو يفقد الوثيقة مرجعيتها في السياق القضائي المحلي.
- انعدام المساءلة القانونية: ففي حال وقوع خطأ، لا يمكن تحميل الذكاء الاصطناعي المسؤولية، على عكس المحامي الذي يُحاسب أمام موكله والجهات القضائية.
- مخاطر الخصوصية: نتيجة إدخال بيانات حساسة في منصات الذكاء الاصطناعي، مما قد يعرّض سرية المعلومات القانونية للانتهاك أو التسريب.

الفروق الجوهرية بين المحامي والذكاء الاصطناعي في إعداد المرافعات القانونية
أشار الحيقي إلى أهمية الاعتماد على المحامي البشري لأنه يتمتع بقدرات لا يمكن استبدالها رقمياً، منها:
- التحليل الاستراتيجي: يفكر المحامي بزاوية كسب القضية أو تخفيض الخسارة لمصلحة موكله وفقاً لسياق الدعوى.
- الفهم العميق: يتفوق المحامون في الفهم العميق للنفس البشرية وتقدير سلوك الخصوم، وقراءة ما بين السطور.
- مهارات الترافع والإقناع الشفهي: لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل المحامي في قاعة المحكمة، حيث تتطلب المرافعة حضوراً ذهنياً وتفاعلاً آنياً مع القاضي وهيئة المحكمة.
- الاجتهاد القانوني وابتكار الحلول: المحامون قادرون على تقديم حلول قانونية مبتكرة لا تظهر بالضرورة في النصوص الجامدة، مستفيدين من خبراتهم وسوابقهم المهنية.
- الخبرة المحلية والعلاقات المهنية: معرفة المحامي بالإجراءات القضائية، والعرف المهني، والعلاقات داخل المنظومة القانونية، تمثل عنصراً حاسماً لا يمكن للذكاء الاصطناعي محاكاته.
- تحليل الوقائع القانونية: التحليل والربط مع النصوص ذات الصلة من القوانين واللوائح بما يخدم مصلحة موكله.
- الصياغة القانونية المحكمة: صياغة المذكرات القانونية تتطلب منطقاً قانونياً متماسكاً، وتسلسلاً حجاجياً لا يمكن توليده آلياً دون إشراف بشري.
دروس من الواقع
واستشهد المحامون بتجارب فاشلة في دول عدة، من بينها بريطانيا، حيث تم تقديم مذكرات قانونية أعدت بالكامل عبر الذكاء الاصطناعي وتضمنت اقتباسات خاطئة، ما كشف عن قصور خطير في الاعتماد غير المنضبط على هذه التقنية.
وفي ظل هذا التوسع، شدد الخبراء على ضرورة سن تشريعات تنظيمية واضحة تحكم استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال القانوني، بما يضمن حماية الخصوصية، ويعزز الأمن السيبراني، ويحدد المسؤوليات القانونية بدقة.
المصدر الامارات اليوم