هل يمكن أن تتحول مكنستك الذكية إلى جاسوس داخل منزلك؟
مدون هندي يكشف أنظمة للتدفق المستمر للبيانات من المنزل نحو خوادم خارجية
قد تبدو المكنسة الذكية مجرد جهاز منزلي بسيط مهمته الوحيدة تنظيف الأرضيات وتوفير الوقت، لكن خلف هذا التصميم البريء، قد تختبئ قدرات تتجاوز التنظيف بكثير.
ماذا لو كانت هذه المكنسة تراقبك بصمت؟ ماذا لو كانت ترسل خرائط منزلك وبياناتك الشخصية إلى خوادم خارجية دون علمك؟
هذه ليست مجرد فرضية من نسج الخيال أو سيناريو من أفلام التجسس، بل قصة حقيقية رواها مهندس البرمجيات الهندي هاريشانكار نارايانان، كاشفاً جانباً مظلماً من عالم الأجهزة المنزلية الذكية، ليثير سؤالاً مقلقاً:
هل يمكن أن تتحول مكنستك الذكية إلى جاسوس داخل منزلك؟
جهاز منزلي يتجاوز حدوده
لاحظ نارايانان سلوكاً غير معتاد في مكنسته الذكية من نوع iLife A11، فقرر مراقبة حركة الشبكة الخاصة بالجهاز، ليكتشف خلال دقائق تدفقاً مستمراً للبيانات نحو خوادم خارجية.
وباستخدام مهاراته التقنية، اتخذ خطوة وقائية بحظر الاتصال غير المصرّح به، مع السماح فقط بالتحديثات الرسمية، لكن المفاجأة كانت صادمة، فقد توقفت المكنسة عن العمل تماماً بعد هذا الإجراء.
تحقُّق شخصي يكشف مفاجآت صادمة
عند مراجعة مركز الصيانة، أُبلغ نارايانان أن الجهاز يعمل بشكل طبيعي، لكنه توقف فور تشغيله في منزله.
وبعد رفض المركز استلامه مجدداً بحجة انتهاء الضمان، قرر فتح المكنسة بنفسه، ليكتشف ما يلي:
- وجود نظام (ADB) اختصاراً ل Android Debug Bridge مفتوح بالكامل، وهو يسمح بإرسال أوامر من الكمبيوتر إلى جهاز Android عبر USB أو Wi-Fi، ما يتيح الوصول الكامل للجهاز عن بُعد.
- استخدام برنامج Google Cartographer وهو نظام مفتوح المصدر لتحديد الموقع ورسم الخرائط في الوقت الحقيقي، يُستخدم لإنشاء خرائط ثنائية وثلاثية الأبعاد باستخدام بيانات من مستشعرات متعددة، ما يعني أنه يستخدم لرسم خرائط ثلاثية الأبعاد للمنزل.
- أوامر برمجية تتطابق مع وقت توقف الجهاز، ما يشير إلى احتمال تعطيله عن بُعد من قبل الشركة المصنعة.
وفي تدوينة نشرها على مدونته الشخصية “Small World”، كتب نارايانان:
“الشركة تمتلك القدرة على تعطيل أجهزتها عن بُعد، وقد استخدمت هذه الميزة ضدي لأنني منعت جمع بياناتي” مضيفاً:
“سواء تم ذلك عمداً أو تلقائياً، النتيجة واحدة: الجهاز انقلب على صاحبه.”
وأضاف أن عشرات الأجهزة الذكية الأخرى قد تعمل بنفس الطريقة، محذراً من أن منازلنا أصبحت مليئة بأجهزة مزودة بكاميرات ومستشعرات يمكن التحكم فيها بكود واحد فقط.
وختم نارايانان تدوينته بتحذير صارم:
“التكنولوجيا الذكية ليست مجانية حتى بعد أن تدفع ثمنها، فثمنها الحقيقي هو خصوصيتك.”
التكنولوجيا الذكية والخصوصية
رغم فداحة ما كشفه المطور والمدون الهندي، لم تصدر شركة iLife أي رد رسمي على الاتهامات التي وردت في التدوينة حتى الآن، ولم تنكر أو تؤكد ما جاء فيها.
لكن القصة أعادت فتح نقاش واسع في الأوساط التقنية وتساؤلات قانونية وأخلاقية حول خصوصية المستخدمين التي تسلبها الأجهزة الذكية خاصة تلك التي تحتوي على مستشعرات وكاميرات، وقدرة الشركات على التحكم بها بعد بيعها للمستخدمين، وحقوق المستخدم في التحكم الكامل بأجهزته المنزلية.
ويبقى السؤال الجوهري: هل يتم توظيف التكنولوجيا الذكية لخدمتنا أم مراقبتنا؟
كيف تحمي خصوصيتك عند استخدام المكانس الذكية؟
مع تزايد انتشار الأجهزة المنزلية الذكية، بما في ذلك المكانس الذكية، يؤكد خبراء الأمن السيبراني على أهمية اتخاذ تدابير وقائية لحماية خصوصيتك.
فعلى الرغم من الراحة التي توفرها هذه الأجهزة، يجب التعامل معها على أنها حواسيب مصغرة تتصل بالإنترنت وقادرة على جمع بيانات حساسة، لذلك، يُنصح باتباع الاحتياطات التالية:
فحص سياسة الخصوصية: قبل الشراء، يجب قراءة سياسة الخصوصية بدقة لفهم كيفية جمع بياناتك واستخدامها ومشاركتها.
تحصين الشبكة المنزلية: استخدم كلمة مرور معقدة وقوية لشبكة الواي فاي المنزلية، والالتزام بتحديث البرامج الثابتة (firmware) للمكنسة بانتظام لسد الثغرات الأمنية.
الحد من الاتصال بالإنترنت: إذا كانت مخاوف الخصوصية تتفوق على الحاجة للتحكم عن بعد، يفضل فصل المكنسة عن شبكة الواي فاي بعد الانتهاء من الإعداد الأولي.
تعطيل الميزات غير المستخدمة: من المفيد إلغاء تنشيط أي ميزات إضافية لا تحتاج إليها، مثل الكاميرات أو الميكروفونات المدمجة، ما لم تكن ضرورية لتشغيل الجهاز.
