هجمات برامج الفدية: كيف تدمر المؤسسات؟ وكيف نحمي أنفسنا؟
ماذا ستفعل لو وجدت ملفاتك مقفلة ويطالبك المخترق بفدية؟

في السنوات الأخيرة، تطورت هجمات الفدية بشكل كبير، وأصبحت أكثر استهدافًا وتنظيمًا، وامتدت لتشمل مؤسسات كبيرة وصغيرة وحتى الأفراد،وغالبًا ما تصل هذه البرمجيات عبر رسائل البريد الإلكتروني الاحتيالية (phishing emails)، أو الروابط الخبيثة، أو استغلال الثغرات الأمنية في الأنظمة غير المحدثة،وتعد واحدة من أخطر أشكال الجريمة الإلكترونية حاليًا..
ما هي برامج الفدية(Ransomware)؟
برامج الفدية هي برمجيات خبيثة يقوم المهاجمون بزرعها داخل أنظمة الضحية بهدف تشفير بياناتها ومنع الوصول إليها، ثم يطالبون بفدية مالية غالبًا بعملة مشفرة مقابل فك التشفير واستعادة الملفات، وفي حال رفض الضحية الدفع، قد يهدد المهاجم بنشر البيانات أو تدميرها نهائيًا.
من أخطر جوانب فيروسات الفدية أنها:
- تمنع الوصول الكامل للبيانات: بمجرد تشفير الملفات، لا يمكن للضحية عادةً استعادتها إلا باستخدام مفتاح فك التشفير الذي يحتفظ به المهاجم.
- تستهدف النسخ الاحتياطية: بعض أنواع الفدية الذكية تبحث عن النسخ الاحتياطية وتقوم بتعطيلها، لزيادة فرصة إجبار الضحية على الدفع.
- لا تضمن الدفع استعادة البيانات: حتى لو دفعت الفدية، لا يوجد أي ضمان بأن المهاجم سيرسل لك مفتاح فك التشفير.
ماذا لو كانت البيانات في غاية الأهمية ولا تمتلك لها نسخة احتياطية؟؟
- استعن بخبراء الاستجابة للحوادث (Incident Response)، العديد من شركات الأمن السيبراني تمتلك خبرةً واسعةً في مواجهة برامج الفدية، سواءً عبر فك تشفير البيانات المُختَطَفة (في حال وُجِدَت ثغرات في خوارزمية التشفير) أو عبر التفاوض مع المُهاجمين لخفض مُطالِب الفدية أو استعادة البيانات بأقل الخسائر الممكنة.
- تواصل مع جهات حكومية متخصصة مثل مركز الأمن السيبراني في بلدك، فهم غالبًا يستطيعون تقديم دعم أو على الأقل توجيهك.
- احتفظ بنسخة من الملفات المشفرة (لا تحذفها)، لأنه أحيانًا بعد فترة يظهر أداة فك تشفير مجانية عبر مبادرات مثل مشروع No More Ransom.
- إذا اضطررت للتفاوض، لا تفعل ذلك وحدك، بل مع خبير قانوني وتقني حتى لا تقع في فخ الابتزاز المتكرر.
كيف تعمل برامج الفدية؟
1.الانتشار
1.1 البريد الإلكتروني الضار
يعد البريد الإلكتروني من أكثر طرق انتشار برامج الفدية شيوعًا، حيث يرسل المهاجمون رسائل بريدية تحتوي على روابط أو مرفقات مصابة، وبمجرد أن يفتح المستخدم هذه الروابط أو المرفقات، يقوم البرنامج الضار بالتحميل والتشغيل تلقائيًا على جهازه.
1.2 التحميل من مواقع غير موثوقة
يمكن أن تنتشر برامج الفدية أيضًا عبر تحميل برامج أو ملفات من مواقع مشبوهة، إذ تحتوي هذه الملفات على كود خبيث يتم تفعيله بمجرد تشغيلها.
1.3 استغلال الثغرات الأمنية
يستغل المهاجمون الثغرات الأمنية الموجودة في أنظمة التشغيل أو البرامج غير المحدثة، ليتمكنوا من الدخول إلى الشبكات والأجهزة ونشر برامج الفدية بسهولة.
2.التشفير
2.1 تشفير الملفات
بعد إصابة الجهاز، يبدأ برنامج الفدية بتشفير الملفات المهمة مثل المستندات والصور وقواعد البيانات، باستخدام خوارزميات تشفير قوية جدًا، تجعل فك التشفير بدون مفتاح خاص أمرًا شبه مستحيل.
2.2 تعديل إعدادات النظام
تقوم بعض أنواع برامج الفدية بتغيير إعدادات النظام لمنع الضحية من استعادة ملفاته، وقد تشمل هذه التعديلات حذف النسخ الاحتياطية المحلية أو تعطيل أدوات الاسترجاع.
3.طلب الفدية
بعد إكمال التشفير، يعرض المهاجم رسالة تهديدية على شاشة الضحية، يطالبه فيها بدفع مبلغ مالي — غالبًا بالعملات الرقمية — مقابل تزويده بمفتاح فك التشفير، مع التهديد أحيانًا بتدمير الملفات أو نشرها علنًا إذا لم يدفع.
4.التهديد المستمر
بعض الأنواع الحديثة من برامج الفدية لا تكتفي بالتشفير، بل تقوم أيضًا بسرقة الملفات قبل تشفيرها، ثم تهدد الضحية بنشر البيانات السرية إذا لم يلتزم بالدفع.
بل إن بعض المهاجمين قد يبيعون بيانات الدخول إلى شبكات المؤسسات لمهاجمين آخرين بهدف تكرار الهجوم لاحقًا.
أنواع برامج الفدية
1.Crypto Ransomware.
يقوم هذا النوع بتشفير الملفات المهمة ويمنع المستخدمين من الوصول إليها إلا بعد دفع مبلغ الفدية مقابل مفتاح فك التشفير.
من أمثلته:
- WannaCry
- CryptoLocker
2.Locker Ransomware
لا يقوم بتشفير الملفات، بل يعمل على قفل نظام التشغيل بالكامل، مما يمنع المستخدم من الوصول إلى سطح المكتب أو أي تطبيق آخر، ويعرض رسالة تطلب دفع الفدية لإلغاء القفل.
من أمثلته:
- WinLocker
3 .Scareware
يخدع الضحية برسائل أو تحذيرات زائفة تدّعي وجود مشكلة خطيرة في النظام، ويطالبهم بدفع مبلغ مالي لحل المشكلة، مع أنهم قد لا يجدون تشفير فعلي للملفات.
من أمثلته
- برامج مزيفة تدّعي أنها تكشف فيروسات أو أخطاء وتطلب الدفع لإزالتها.
4. Doxware (Leakware)
يهدد هذا النوع بنشر البيانات الحساسة للضحية على الإنترنت إذا لم يدفع الفدية، بحيث يجمع البيانات أولًا ثم يستخدمها كسلاح ضغط نفسي.
5.Ransomware as a Service (RaaS)
نوع حديث يوفره مطورون كمشروع تجاري على شبكة الإنترنت المظلمة، بحيث يستطيع أي مجرم تأجيره وشن هجمات مقابل مشاركة الأرباح مع المطور.
كيف تدمر برامج الفدية المؤسسات؟
تؤدي هجمات برامج الفدية إلى أضرار واسعة قد تشمل:
- تعطيل الأنظمة: التوقّف الكلي أو الجزئي عن العمل نتيجة تعرّض الملفات وقواعد البيانات للتشفير، مما يؤدي إلى تعطل البرامج والتطبيقات عن الأداء.
ونتيجة لذلك، تُمنع من متابعة أعمالك أو تقديم خدماتك، لأن جميع بياناتك أصبحت مقفلة وغير قابلة للوصول..
- خسائر مالية: دفع الفدية أو تحمل تكلفة استعادة الأنظمة من النسخ الاحتياطية.
- انتهاك الخصوصية: تهديد بنشر بيانات حساسة للعملاء أو الموظفين.
- فقدان الثقة: تراجع سمعة المؤسسة وفقدان ثقة العملاء والشركاء.
- تكاليف قانونية: التبعات القانونية الناتجة عن تسريب بيانات شخصية أو حساسة.
وبالتالي ممكن تواجه دعاوى قضائية أو غرامات إذا تسربت بيانات شخصية أو حساسة للناس، لأن القوانين تحمي خصوصيتهم، وأنت مسؤول عن حماية بياناتهم..
تظهر دراسات أن العديد من المؤسسات لا تتعافى أبدًا بعد هجوم فدية واسع النطاق بسبب حجم الخسائر وفقدان ثقة السوق.
أمثلة لهجمات برامج الفدية
- هجوم WannaCry عام 2017 الذي شلّ آلاف الأجهزة حول العالم وأصاب قطاعات حساسة مثل المستشفيات وشركات الطيران.
- هجوم Ryuk الذي استهدف مؤسسات حكومية وخاصة وأدى إلى خسائر بملايين الدولارات.
- هجوم Colonial Pipeline عام 2021 ، الذي أدى الى توقف أكبر خط أنابيب للوقود في الولايات المتحدة.
كيف نحمي أنفسنا من هجمات برامج الفدية؟
لمواجهة هذه التهديدات، ينصح الخبراء باتباع إجراءات وقائية أساسية، أهمها:
- عمل نسخ احتياطية دورية للبيانات وحفظها في مكان منفصل عن الشبكة.
- تحديث أنظمة التشغيل والبرامج بشكل منتظم لإغلاق الثغرات الأمنية.
- استخدام برامج مكافحة الفيروسات وجدران الحماية القوية.
- تدريب وتوعية الموظفين على عدم فتح روابط أو مرفقات بريد إلكتروني مشبوهة.
- تفعيل سياسة أقل صلاحيات ممكنة (Least Privilege) للحد من قدرة المهاجم على الانتشار داخل الشبكة.
- إعداد خطة استجابة للحوادث لمعالجة الهجمات بسرعة وتقليل آثارها.
خاتمة
برامج الفدية ليست مجرد هجوم تقني، بل تهديد استراتيجي قد يعرّض استمرارية عمل المؤسسات للخطر.
لذا فإن الاستثمار في إجراءات الحماية والتوعية المستمرة هو السبيل الأمثل لتقليل فرص الوقوع ضحية لمثل هذه الهجمات.
تذكّر أن الوقاية دائمًا أقل تكلفة وأسرع من معالجة الأضرار بعد وقوعها.
المصادر