النشاط الشمسي يُهدد أقمار ستارلينك
النشاط الشمسي المتصاعد يتسبب في تقصير أعمار أقمار ستارلينك

تشير أبحاث جديدة إلى أن النشاط الشمسي المتصاعد يتسبب في تقصير أعمار أقمار ستارلينك التابعة لشركة سبيس إكس، وقد يؤدي إلى عودتها إلى الأرض بسرعات أعلى، وهو ما يزيد من احتمالية وصول حطامها إلى سطح الأرض.
الدراسة، المنشورة على موقع arXiv، والتي لم تخضع بعد لمراجعة دقيقة، تُضاف إلى سلسلة من الأدلة المتزايدة التي تؤكد أن العواصف الشمسية تُخلِّف آثاراً سلبية كبيرة على أقمار ستارلينك.
فقد شهدت السنوات الأخيرة تزايداً ملحوظاً في عدد العواصف الشمسية من حيث التكرار والشدة، وذلك بالتزامن مع اقتراب الشمس من ذروة نشاطها في الدورة الشمسية الممتدة لـ11 عاماً، والتي بلغت ذروتها في أكتوبر/تشرين الأول 2024.
وفي الوقت نفسه، ارتفع عدد الأقمار الاصطناعية التي تدور حول الأرض بشكل غير مسبوق، مدفوعاً بشكل أساسي من قبل مجموعات الأقمار الخاصة العملاقة مثل “ستارلينك”.
بداية ذروة النشاط الشمسي
قاد فريق بحثي من “مركز جودارد لرحلات الفضاء” التابع لوكالة ناسا دراسة تتبعت إعادة دخول أقمار ستارلينك إلى الغلاف الجوي بين عامي 2020 و2024، وقد تزامنت هذه الفترة مع المرحلة التصاعدية من الدورة الشمسية الحالية، والتي شهدت تزايداً في النشاط الشمسي تمهيداً لبلوغ الذروة.
خلال السنوات الخمس، عاد 523 قمراً من أقمار ستارلينك إلى الغلاف الجوي للأرض، ومن هنا حلل الفريق مدارات هذه الأقمار باستخدام تقنيات إحصائية لرصد أنماط التغير في معدلات انحدارها المداري وسرعة دخولها الغلاف الجوي، خاصةً في فترات النشاط الشمسي المرتفع.
تأثير النشاط الجيومغناطيسي على أعمار أقمار ستارلينك
كشفت نتائج الدراسة أن النشاط الجيومغناطيسي، وهو اضطراب يحدث في الغلاف الجوي العلوي نتيجة الانفجارات الشمسية- يُسرِّع من دخول أقمار ستارلينك إلى الغلاف الجوي قبل الموعد المتوقع، وبينما صُممت هذه الأقمار لتبقى في المدار لمدة تقارب خمس سنوات، إلا أن العواصف الجيومغناطيسية الشديدة يمكن أن تُقلل هذه المدة بمعدل يتراوح بين 10 و12 يوماً.
يعتقد الفريق أن السبب يعود إلى تسخين الغلاف الجوي بفعل النشاط الشمسي، مما يؤدي إلى تمدده وزيادة المقاومة (الدفع العكسي) التي تواجهها الأقمار، وبالتالي فقدانها للارتفاع بشكل أسرع، الأمر الذي يزيد المشكلة تعقيداً لأن هذه الظروف قد تؤثر على دقة نماذج التنبؤ بالحركة المدارية، مما يرفع من احتمال حدوث اصطدامات بين الأقمار الصناعية.
سرعة الدخول قد تزيد خطر الحطام الأرضي
على الرغم من أن تقليل عمر القمر الاصطناعي بمعدل 10 إلى 12 يوماً قد يبدو تفصيلاً بسيطاً، إلا أن هذا الفارق قد يُعرقِل قدرة شركة سبيس إكس على تنفيذ عمليات إعادة الدخول بشكل غير قابل للسيطرة والتحكم.
الأخطر من ذلك أن التحليل أظهر تأثير زيادة السحب الجوي على دخول الأقمار إلى الغلاف الجوي بسرعة أعلى، مما قد يزيد احتمالية نجاة أجزاء منها من الاحتراق الكامل ووصولها إلى سطح الأرض.
ورغم أن ذلك يبدو مخالفاً للتوقعات -حيث يُفترض أن السرعات الأعلى تعني احتراقاً كاملاً، إلا أن الأقمار التي تدخل بسرعة أكبر قد تتفاعل بشكل أقل مع الغلاف الجوي، مما يسمح لبعض أجزائها بالبقاء حتى السقوط.
حوادث سقوط فعلية لحطام ستارلينك
تقول سبيس إكس إن أقمار ستارلينك مصممة للتفكك والاحتراق بالكامل عند دخول الغلاف الجوي، لكن الواقع يثبت خلاف ذلك، ففي عام 2024، سقط حطام يبلغ وزنه 2.5 كيلوجراماً في مزرعة بمقاطعة ساسكاتشوان الكندية، وفقاً لما أوردته مجلة New Scientist.
كما صرَّحت الشركة في فبراير/شباط الماضي بإمكانية سقوط أجزاء صغيرة من الحطام، لكنها أكدت أنها لا تُمثِّل “أي خطر على البشر في البر أو البحر أو الجو”.
العدد المتزايد لأقمار ستارلينك يعزز القلق
بحسب الفلكي جوناثان ماكدويل من جامعة هارفارد، والذي يتتبع كوكبة ستارلينك، يوجد حالياً أكثر من 7,500 قمر ستارلينك في المدار، فيما تطمح سبيس إكس لرفع هذا العدد إلى 42,000 قمر في المستقبل، بالإضافة إلى آلاف الأقمار الأخرى التي تدور حالياً حول الأرض.
يُعلِّق أوليفيرا على هذا الواقع قائلاً:
“هذه هي المرة الأولى في التاريخ التي نمتلك فيها هذا العدد الهائل من الأقمار في المدار في آن واحد.
الآن، نشهد دخول أقمار إلى الغلاف الجوي أسبوعياً، وربما -في الأشهر أو السنوات المقبلة- يومياً.”
أهمية فهم تأثير النشاط الشمسي على أنظمة الأقمار الصناعية
مع تزايد الازدحام في المدار الأرضي وانخفاض قدرة شركات الفضاء على التحكم في عمليات إعادة الدخول، تبرز الحاجة الملحة لفهم التأثيرات العميقة للنشاط الشمسي على عمر الأقمار الاصطناعية ومسارات سقوطها.. ففهم تلك الديناميكيات ليس فقط ضرورياً لإدارة كوكبات الأقمار، بل أيضاً لحماية سكان الأرض من المخاطر المتزايدة المرتبطة بحطام الأقمار الاصطناعية.
المصادر: