أبلسامسونجمقالات

هارموني التكنولوجيا والصحة .. كيف تعيد المستشفيات الذكية تشكيل مستقبل الرعاية الطبية؟

المستشفيات لم تعد مجرد منشآت تقليدية، بل أصبحت منظومات ذكية

يشهد قطاع الرعاية الصحية عصراً جديداً من التحول الرقمي، حيث تتكامل التكنولوجيا الذكية مع أنظمة الرعاية لتقديم خدمات أكثر دقة وكفاءة، فالمستشفيات لم تعد مجرد منشآت تقليدية، بل أصبحت منظومات ذكية تعتمد الحلول الرقمية، الذكاء الاصطناعي، وتقنيات إنترنت الأشياء وغيرها لضمان تجربة علاجية متطورة.

وتعمل أنظمة الرعاية الصحية حول العالم، خاصة في الولايات المتحدة وأوروبا، على دمج التقنيات الحديثة لتعزيز جودة الرعاية الصحية وزيادة كفاءة العمل، ومثلها عدد من المستشفيات في الدول العربية، بهدف تحسين تجربة المرضى، ودعم عملي، مادي ومعنوي، لتجربة شفاء وتعاف أكثر استدامة.

ولطالما شكلت شركات التكنولوجيا العالمية ثنائيات مبهرة مع مؤسسات الرعاية الصحية في هذه الدول، وأسهمت شركات عالمية مثل آبل، سامسونج، غوغل، ومايكروسوفت والعديد من الشركات ذات الموثوقية العالية بإحداث نقلة نوعية في هذا المجال، حيث توفر أجهزة مبتكرة وتقنيات تدعم التشخيص الفوري، تحليل البيانات الصحية، وإدارة سجلات المرضى بطرق أكثر سلاسة، مقدمة دعماً هائلاً في عصر تتزايد فيه التحديات الصحية والضغوط على أنظمة الرعاية الطبية عموماً.

أبرز التقنيات الذكية في المؤسسات الصحية الأمريكية

تقدم شركة “آبل” حلولاً رقمية مثل “Apple Watch”، التي توفر ميزات قياس معدل ضربات القلب، تخطيط القلب الكهربائي (ECG)، وتتبع النشاط البدني، ما يساعد على مراقبة صحة المستخدمين بدقة.

كما يتيح تطبيقها “Health” جمع البيانات الصحية للمستخدمين ومشاركتها مع الأطباء، ما يسهل تقديم الاستشارات الطبية عن بُعد.

إلى جانب ذلك تعمل الشركة على تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي لتقديم توصيات شخصية حول اللياقة البدنية والصحة العامة، ما يساهم في تحسين جودة حياة المرضى.

وهي تقدم حلولاً على مستوى المؤسسات الطبية مثل مستشفى “إيموري هيلانديل” الذي يعد من أوائل المستشفيات في الولايات المتحدة التي تبنّت التكنولوجيا الذكية بالكامل.

“إيموري هيلانديل” مستشفى بذكاء استثنائي

اعتمد هذا المستشفى بالكامل على منتجات “آبل” مثل “iPhone ، iPad ،MacBook Air، Apple Watch” ، بالتكامل مع نظام السجلات الطبية الإلكترونية Epic، ما أدى إلى تحسين الأداء وكذلك تجربة المرضى.

وتم تحديث وحدة العناية المركزة (ICU) وإضافة معدات تصوير متقدمة، ما ساهم في تعزيز كفاءة التشخيص والعلاج.
كما أُطلقت “مناطق Apple” داخل مرافق المستشفى، حيث يتم استخدام أجهزة “آبل” لتسهيل تواصل الفرق الطبية وإدارة العمليات بمرونة أكبر.


لماذا تعتمد منظومة “إيموري” الصحية على شركة “آبل” ؟

وفقًا لمراجعة أجرتها Becker’s Hospital Review، فإن قرار اعتماد تقنيات “آبل” جاء بعد تحليل معمّق أظهر توفيراً في التكاليف مقارنةً بأجهزة الحواسب الشخصية التقليدية، يصل إلى 300 دولار سنوياً لكل جهاز إضافة إلى تقليل استهلاك الطاقة ما يعزز الاستدامة البيئية.


كما أدى اعتماد المستشفى للشركة التكنولوجية العريقة إلى تعزيز مرونة تكنولوجيا المعلومات، حيث ساعد اعتماد أجهزة MacBook Air وiPhone على سبيل المثال على مواجهة حالات انقطاع تكنولوجيا المعلومات دون تعطيل العمليات الطبية.

نماذج أمريكية تدمج  التكنولوجيا بأنظمة الرعاية الصحية

هناك العديد من الأمثلة في الولايات المتحدة على استثمار التكنولوجيا ودمجها في تحسين الأداء ضمن المؤسسات الصحية مثل مستشفى “مايو كلينك” الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي (AI) لتحليل الصور الشعاعية وتحسين دقة التشخيص وتعاون مع “Google Cloud” لتخزين وتحليل السجلات الصحية إلكترونياً .

إضافة إلى “كليفلاند كلينك” التي اعتمدت روبوتات الجراحة وتقنيات الواقع الافتراضي لتدريب الأطباء والجراحين، والتحليلات التنبؤية لتقديم العلاج الوقائي للمرضى بناءً على بياناتهم الصحية.

انترنت الأشياء و روبوتات ذكية من “سامسونج”

في مقابل “آبل” توفر “سامسونج” أيضاً تقنيات لتعزيز جودة الرعاية الصحية، من خلال تطوير أدوات إنترنت الأشياء (IoT) التي تتيح للمستشفيات تتبع البيانات الحيوية للمرضى باستخدام أجهزة استشعار ذكية لقياس ضغط الدم، معدل ضربات القلب، ومستويات الأكسجين في الدم.

كما يوفر تطبيق “Samsung Health” تجربة رقمية متكاملة لمتابعة المرضى عن بُعد، ما يسهم في تحسين كفاءة الرعاية الصحية.


إلى جانب ذلك استثمرت “سامسونج” في تطوير روبوتات الذكاء الاصطناعي لدعم الأنظمة الصحية، ومنها Bot Care، الذي يساعد في مراقبة المرضى، قياس معدل ضربات القلب، ومتابعة جودة النوم، فضلًا عن تذكير المرضى بمواعيد تناول الأدوية.

بينما يوفر جهاز “GEMS-H” دعماً للحركة، حيث يساعد المرضى وكبار السن على المشي بعد العمليات أو الإصابات ما يحسن سرعة المشي بنسبة 20%.

وتعمل “سامسونج” أيضاً على تطوير روبوتات تحليل البيانات الصحية لمراقبة مستويات السكر في الدم وتقديم توصيات غذائية مخصصة لكل مريض، ما يسهم في توفير حلول وقائية وعلاجية متقدمة.

مركز “سامسونج” الطبي في كوريا الجنوبية نموذجاً

يعد مركز “سامسونج” الطبي في كوريا الجنوبية من بين أكثر المؤسسات الطبية الذكية تقدماً في آسيا، حيث يعتمد على أنظمة رقمية متطورة لتحسين جودة الرعاية الصحية.

و يوظف مركز “سامسونج” خلاصة ما أنتجته و طورته الشركة الأم من تقنيات الذكاء الاصطناعي، سجلات طبية، إضافة إلى التصوير الطبي المتقدم لمساعدة الأطباء في تشخيص الحالات المرضية .

مستشفيات ذكية حول العالم

في السويد يستخدم مستشفى جامعة “كارولينسكا” نظام الذكاء الاصطناعي لإدارة جداول العمليات الجراحية، ويعتمد الروبوتات الجراحية في العمليات الدقيقة مثل جراحة الأعصاب والقلب.

أما في سنغافورة وتحديداً في مستشفى سنغافورة العام يعتمد روبوتات لنقل الأدوية والسجلات الطبية داخل المستشفى، ويستخدم نظام NHIC لإدارة البيانات الصحية للمرضى إلكترونياً.

التوسع الرقمي في العالم العربي

بدأت العديد من المستشفيات الكبرى في الوطن العربي في تبني التحول الرقمي واعتماد التكنولوجيا الحديثة لتحسين جودة الرعاية الصحية، لكن وتيرة التبني تختلف من دولة إلى أخرى، ولايمكن تصنيف مستشفياتها بأنها “ذكية” بعد.

وتظهر تقارير إعلامية أن السعودية، الإمارات العربية المتحدة، مصر، والمغرب أكثر الدول العربية تبنياً للتكنولوجيا المتطورة في أنظمتها الصحية، حيث تعمل على رقمنة الرعاية الصحية وتعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي، السجلات الطبية الإلكترونية، والاستشارات الطبية عن بُعد.

أهم المراكز الصحية العربية الواعدة في استخدام التقنيات الذكية

في السعودية تعتمد مدينة الملك فهد الطبية نظام السجلات الطبية الإلكترونية (EHR) وتستخدم الروبوتات الجراحية، بينما يعتمد مستشفى الملك فيصل التخصصي على الذكاء الاصطناعي والروبوتات الطبية في تشخيص وعلاج السرطان وأمراض القلب.

أما في الامارات يدمج (كليفلاند كلينك أبوظبي) أنظمة ذكية مثل Epic و Cerner، ويستخدم أجهزة لوحية للتواصل بين الفرق الطبية والمرضى، كما يعتمد مستشفى توام الذكاء الاصطناعي لتحليل الأشعة وتصنيف المرضى حسب درجة الخطورة.

وفي قطر هناك تطور سريع بقيادة مؤسسة حمد الطبية حيث اعتمدت نظام Cerner للسجلات الطبية الإلكترونية في جميع مستشفياتها، وهي تطبق برامج المستشفى الرقمي لتقديم خدمات عن بعد، مثل تطبيق Naras لمتابعة حالات المرضى.

وتخطو الإدارات الصحية في مصر خطوات متقدمة نحو الرقمنة الصحية في مستشفى (57357) لسرطان الأطفال الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات السريرية وتحسين التشخيص، ومثلها الإدارة الصحية في المغرب حيث يعتمد المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد نظام أتمتة إدارة المرضى والتشخيص الرقمي، وبدأ في إدخال الذكاء الاصطناعي عبر مشاريع بحثية بالتعاون مع جامعات محلية.

توجهات التكنولوجيا الصحية في المستقبل

تشير التقارير إلى تزايد اعتماد الذكاء الاصطناعي في تحسين التشخيص الطبي عبر تحليل البيانات الضخمة، وزيادة استخدام الروبوتات الجراحية من أجل تقليل نسبة الخطأ وتحقيق دقة أعلى في العمليات، إضافة إلى اعتماد التحليل التنبؤي لتقديم حلول علاجية قبل تطور الأمراض، وتحسين الرعاية الصحية عن بعد من أجل دعم المرضى في مواقع بعيدة عبر التطبيقات الذكية والاستشارات الرقمية.

وتتبدى هذه التوجهات في أرقام سوق المستشفيات الذكية الذي يشهد نمواً سريعاً، حيث قدر حجمه بـ 72.24 مليار دولار أمريكي في عام 2024.

ومن المتوقع أن يصل إلى 177.61 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2029، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 19.71%.

وباستقراء للبيانات والتوجهات، من المتوقع أن يصل حجم سوق المستشفيات الذكية إلى 180.47 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 20.6%، مدفوعاً بتزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، إنترنت الأشياء، والأنظمة الصحية الرقمية.

التحول الرقمي الصحي.. فرص وتحديات

على الرغم من تزايد التوجه لاعتماد التكنولوجيا و رقمنة القطاع الصحي، تبرز بعض المخاوف لاسيما بخصوص حماية البيانات الصحية وآليات ضمان أمن المعلومات الشخصية للمرضى ومنع أي اختراقات، إضافة إلى التكلفة العالية حيث تحتاج المؤسسات إلى استثمارات ضخمة لاعتماد أحدث التقنيات الطبية.

ويبقى التحدي الأكبر هو تحقيق تكامل الأنظمة الذكية وضمان انسجام جميع الأجهزة والتطبيقات داخل المستشفى دون حدوث أعطال، وتدريب الطواقم الطبية لتكون مؤهلة بالكامل للانتقال السلس والآمن إلى عمل المستشفيات الذكية.

المصادر

Apple  Independentarabia  Samsun

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى