مقالات

كيف تواجه الاتصالات السعودية تحديات موسم الحج؟

خلال 2025 تمكنت من رفع تدفق البيانات بنسبة 10% في أوقات الذروة وتحسين تجربة المستخدم الرقمية

مع تزايد أعداد الحجاج الوافدين سنوياً، تتعرض شبكات الاتصالات لضغط هائل، إذ يحتاج الملايين إلى اتصال سريع وموثوق مع ذويهم، والحصول على معلومات لحظية لأداء مناسك الحج، ورغم هذه التحديات، نجحت شركة الاتصالات السعودية (STC) في توفير خدمات سلسة ومستقرة، بفضل استخدامها لتقنيات ذكية ومتطورة تعمل “خلف الكواليس”، وتُساعد الشبكة على التكيّف والاستجابة التلقائية دون تدخل بشري مباشر.

في هذا المقال، سنتعرف على هذه التقنية المتطورة، وكيف استطاعت تغيير قواعد إدارة الشبكات؟ وما الحلول التي تسعى لتقديمها في مستقبل شبكات الاتصال اللاسلكية.

الاتصالات السعودية ونوكيا: شراكة تقود قوة المستقبل

في عام 2024م، أعلنت شركة الاتصالات السعودية (STC) عن اعتماد تقنية Nokia MantaRay Cognitive SON، لتكون بذلك أول شركة في العالم تطبق حلول نوكيا المتطورة لضمان أقصى كفاءة وموثوقية في شبكات الاتصال اللاسلكية، وذلك خلال موسم الحج لعام 2024، لتفتح بذلك عهداً جديداً في استخدام الذكاء الاصطناعي لإدارة الشبكات ذاتية التنظيم وتمكين التشغيل الآلي المتقدم، مما حقق نتائج مبهرة من أبرزها:

  1. تنفيذ أكثر من 10,000 إجراء تلقائي في أوقات الذروة لضمان استجابة فورية.
  2. زيادة استغلال أبراج الشبكة بنسبة 30%، وتحسين متوسط سرعة تنزيل البيانات بنحو 10%.
  3. استيعاب زيادة في حركة المستخدمين بنسبة 40% دون أي انقطاع في الخدمة.
  4. تقليل استهلاك الطاقة بنسبة 13% في شبكات الجيل الرابع (4G) والجيل الخامس (5G).

وفي عام 2025، وفي إطار سعيها المستمر لتحسين أداء شبكاتها في مواسم الذروة، واصلت STC تعزيز قدرات شبكتها، حيث زادت سعة الشبكة في المدينة المنورة بأكثر من 35% مقارنة بالعام السابق، لخدمة ضيوف الرحمن بعد انتهاء المناسك الرئيسية، إلى جانب توسيع نطاق استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، امتدت هذه الجهود لتشمل أكثر من 200 نظام شبكي ذكي، وتمكنت من تحقيق عدة أهداف، أبرزها:

  1. رفع تدفق البيانات بنسبة 10% في أوقات الذروة.
  2. تحسين متوسط سرعة البيانات بنسبة تتراوح بين 20% و30%.
  3. تقليل معدلات الانقطاع وتحسين تجربة المستخدم الرقمية.

ما هي الشبكات ذاتية التنظيم (Self-Organizing Networks – SON)؟

هي تقنيات تساعد شبكات الاتصال اللاسلكية (RAN) على إدارة نفسها بشكل ذكي وتلقائي، لتحسين الأداء، معالجة الأعطال، وتوفير الوقت والجهد، إلى جانب تقليل التدخل البشري وتكاليف التشغيل.

التقنية التي تدعم جميع أجيال الشبكات، تنقسم وظائفها إلى ثلاثة أنواع رئيسية:

  1. الضبط التلقائي (Self-Configuration): عند تركيب برج شبكة جديد، يقوم هذا البرج بضبط اعداداته تلقائياً لتجنب التداخل مع الأبراج الأخرى وتحسين التغطية، ما يؤدي إلى تسريع عملية التركيب بشكل كبير.
  2. التحسين التلقائي (Self-Optimization): عملية مستمرة تتفاعل مع أي تغييرات في الشبكة، مثل عدد المستخدمين أو قوة الإشارة، لتحسين الأداء باستمرار، على سبيل المثال تساعد هذه التقنية بتوزيع حركة الاتصال بين أبراج الشبكة لمنع الازدحام.
  3. الإصلاح التلقائي (Self-Healing): تعمل هذه الوظيفة على تقليل تأثير أي مشكلة أو عطل في الشبكة، فإذا تعطل أحد الأبراج، تتولى الأبراج القريبة منه تلقائياً مهمة توصيل الاتصال بدلاً منه، مما يقلل من وقت توقف الخدمة.هذه العمليات تتم ضمن ما يُعرف بنظام “الحلقة المغلقة (Closed Loop System)”، حيث تقوم الشبكة بمراقبة الأداء، اتخاذ القرار، ثم تقييم النتيجة.

ما هو محرك الأداء في الشبكات ذاتية التنظيم؟

تعتمد الشبكات ذاتية التنظيم على الذكاء الاصطناعي (AI) لتحسين أدائها في تعزيز جودة شبكات الاتصال اللاسلكية (Radio Access Networks – RAN)، خاصة مع دخول شبكات الجيل الخامس (5G) التي تتطلب إدارة موارد هائلة ومعالجة كميات غير مسبوقة من البيانات، حيث يعمل الذكاء الاصطناعي في الشبكات ذاتية التنظيم على تحليل كميات هائلة من البيانات لحظياً، وتقديم قرارات فورية لتحسين الأداء والتنبؤ بالمشكلات المحتملة – مثل الأعطال أو التضاربات في التكوين – والاستعداد للتعامل معها بفعالية، وبالتالي تقديم خدمة ممتازة بأقل التكاليف.

وفقاً لتقرير Nokia MantaRay Cognitive SON، يمكن للشبكة ذاتية التنظيم المدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، توقع متى وأين قد يحدث الخلل، واتخاذ إجراءات وقائية مثل إعادة تكوين الموارد أو التحويل إلى وضع توفير الطاقة لتجنب الانقطاع أو تراجع الجودة، مما يُعزز وظائفها الأساسية الثلاثة: الضبط التلقائي، والتحسين التلقائي، والإصلاح التلقائي.

كما تسهم هذه القدرات المتقدمة في تحقيق كفاءة استثنائية في استهلاك الطاقة (مثل تقنيات “Deep Sleep” التي توفر حتى 97٪ من استهلاك الطاقة)، وتقليل الاعتماد على التدخل البشري، وتسريع وتيرة استكشاف الأعطال وحلها، وتقليل زيارات الصيانة ووقت توقف الخدمة، مما يسمح للمهندسين بالتركيز على المهام المعقدة ذات القيمة المضافة، وهذا بدوره يؤدي إلى تحسين جودة الشبكة، بتكاليف أقل وكفاءة تشغيلية أقوى، مع دعم أهداف الاستدامة وتقليل الأثر البيئي لقطاع الاتصالات.

ما هو دور نوكيا في تطوير هذه التقنية؟

تُعدّ نوكيا شركة رائدة في تحويل شبكات الاتصال اللاسلكية (RAN) إلى شبكات مستقلة تعمل بالذكاء الاصطناعي، وفي سياق تعزيز قدرات الشبكات ذاتية التنظيم (SON)، تُقدّم تُقدم نوكيا مجموعة من الحلول المتكاملة التي تُسهم في تحسين جودة الشبكة وكفاءة تشغيلها، من أبرزها:

نظام تحسين وأتمتة الشبكات الذاتية التنظيم (MantaRay SON):

هو نظام رائد يعمل بالذكاء الاصطناعي ومصمم لتحسين الشبكات متعددة الموردين، وبالتالي يضمن جودة شبكة الجيل الخامس (5G) اللاسلكية وكفاءتها و تجربة المستخدمين، وذلك بتفعيل وظائف الضبط التلقائي، والإصلاح التلقائي، والتحسين التلقائي التي تُشكل جوهر الشبكات الذاتية التنظيم.

نظام القيادة الذاتية الكاملة للشبكة (MantaRay AutoPilot):

يمثل قفزة كبيرة في استخدام التشغيل الآلي للشبكات بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي، ويدعم خطة شركات الاتصالات للتحول الرقمي نحو شبكات تعمل بشكل مستقل تمامًا، مما يزيد من كفاءة التشغيل ويساعد في تقليل التكاليف.

نظام تحسين وأتمتة الشبكات الذاتية التنظيم المعزز بالذكاء الإدراكي (MantaRay Cognitive SON):

نقلة نوعية في أتمتة الشبكات الذاتية التنظيم (SON)، تدمج الذكاء الاصطناعي (AI) والتعلم الآلي (Machine Learning) بعمق في عمليات الشبكة، وتمتلك قدرة إدراكية (Cognitive) تمكنه من:

  1. الفهم العميق والمعقد: تحليل كميات هائلة من بيانات الشبكة لتحديد الأنماط والعلاقات الخفية.
  2. التعلم والتكيف المستمر: تطوير فهم النظام لسلوك الشبكة، والتكيف تلقائياً مع الظروف المتغيرة، لتحسين مستمر للقرارات والإجراءات التلقائية.
  3. التنبؤ الاستباقي: توقع المشكلات المحتملة في الأداء أو الازدحام، واتخاذ إجراءات وقائية لضمان استمرارية الخدمة بأعلى جودة.
  4. التحسين الذاتي المتطور: تحقيق أقصى درجات الكفاءة في استخدام موارد الشبكة وتوجيه حركة البيانات بذكاء لضمان أفضل تجربة للمستخدم.

طموحات نوكيا في تشكيل مستقبل الاتصالات اللاسلكية

مع تسارع شركات الاتصالات في تبني الذكاء الاصطناعي، تقود نوكيا الابتكار في بناء مستقبل تطوير بنية شبكات الاتصال اللاسلكية المعززة بالذكاء الاصطناعي (AI-RAN)، من خلال تركيزها على ثلاثة جوانب رئيسية لدمج الذكاء الاصطناعي ضمن شبكات الإتصال اللاسلكية:

  • الذكاء الاصطناعي لـ شبكات الاتصال اللاسلكية (AI for RAN): ويتطلع إلى تحسين قدرات شبكة الاتصال اللاسلكي نفسها، وتعزيز كفاءتها وأدائها بشكل غير مسبوق.
  • الذكاء الاصطناعي على شبكات الاتصال اللاسلكية (AI on RAN): وتهدف إلى تقديم أفضل تجربة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي يستخدمها الأفراد والشركات.
  • الذكاء الاصطناعي وشبكات الاتصال اللاسلكية (AI & RAN): ويسعى إلى دمج قوة الحوسبة المعززة بالذكاء الاصطناعي في جميع مهام شبكات الاتصال اللاسلكية.

 

ختاماً، ومع اقتراب وصول شبكات الجيل السادس (6G) وفي ظل هيمنة الذكاء الاصطناعي، يتوقع أن تكون الشبكات قادرة على فهم البيئة المحيطة والتفاعل معها كما لو أن لديها “حاسة سادسة رقمية”.

وعليه، إن التحول نحو تقنيات الذكاء الاصطناعي في إدارة الشبكات لم تعد رفاهية، بل أصبحت أساساً لبناء تجارب اتصال غير مسبوقة، وضرورة لمواجهة التعقيد والضغط والمتزايد على الاتصالات.

وبينما تقود STC هذه الثورة الرقمية بالشراكة مع نوكيا، تتشكل ملامح شبكة مستقبلية أكثر ذكاءً واعتماداً على الذات، لتخدم الإنسان حيثما كان، وفي كل وقت، لتُؤكد أن الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي ليس مجرد استجابة آنية، بل استثمار طويل الأمد يقود شبكات الجيل القادم.

المصادر

الموقع الرسمي لشركة نوكيا (Nokia.com)
قسم الأخبار في شركة نوكيا
الهيئة العالمية لوضع معايير الاتصالات المتنقلة (3GPP)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى